يشكل بعض ما رشح من آليات عمل مؤسسة الشهيد في المدة الماضية، ما يمكن أن يرقى بفهم مدلولاته إلى مستوى الابتكارات المكتبية التي كانت السبب في بروز ظواهر مؤسفة تستبطن في حيثياتها وموجباتها وعناصر كينونتها، ما بوسعه الاساءة بقصد أو من دونه إلى عوائل الشهداء عبر ما تفرضه تشريعات المؤسسة ولوائحها القانونية من عوائق وصعوبات إدارية لا مبرر لها، ولا يمكن لأي منصف تصديقها. وبصرف النظر عن طبيعة الإجراءات الروتينية التي تستلزمها عملية إثبات شهادة الشهيد تمهيدا لإنجاز معاملته التقاعدية التي تطول مدتها، وتصل في كثير من الاحيان إلى سنوات عدة، فان من جملة المتطلبات الروتينية التي تبنتها إدارة المؤسسة سعيا في إكمال المعاملات الخاصة باستلام منحة الـشهداء الخاصة بموضوع السكن البالغة قيمتها ( ٨٢ ) مليون دينار عراقي فرضت على عائلة الشهيد إحضار أثنين من الكفلاء الضامنين على أن يكونوا حصريا من شريحة المتقاعدين او من هم حاليا بالخدمة الذين لا يقل راتب كل منهم عن ( ١٥٠ ) ألف دينار عراقي؛ بالنظر لخشية المؤسسة من ظهور ما يفضي مستقبلا إلى الطعن بمصداقية أدعاء عائلة الشهيد باستشهاد من ينتمي لها، من خلال ظهور ما يخالف صحة الوثائق والمعلومات المقدمة من عائلة الشهيد الى اللجان الخاصة في المؤسسة التي تثبت صحة استشهاده .ولا اخطئ القول ان صيرورة هذه الفعالية تشكل في واقعها الموضوعي تجاوزا على منزلة الشهيد وقدسية الشهادة ،بوصفها أحدى المقومات الموضوعية التي تثير عامل الشك في طبيعة الإجراءات القانونية التي جرى تنظيم المعاملات على وفق آلياتها، ولاسيما ما يتعلق منها بحزمة المعايير التي سادت أعمال القضاة الذين أشرفوا على مراجعة وتنظيم معاملات عوائل الشهداء الرامية إلى تثبيت فعل الشهادة بالاستناد إلى قانون المؤسسة وبدلالة التشريعات القانونية النافذة. وعلى الرغم من حداثة تشكيل مؤسسة الشهيد التي من المفترض أن تكون راعية لحقوق الشهداء وداعمة لعوائلهم، وبخاصة ما يتعلق منها بتبسيط السياقات المصاحبة لترويج معاملات أحبتهم وفلذات اكبادهم ،فإن إدارتها حري بها أن تتفهم بعمق حيثيات المتاعب التي واجهت عوائل الشهداء والمحن التي عاشتها، من اجل ان يدرك من يعمل في جميع مفاصلها، وبمختلف العنوانات جدية مصاعب الحياة التي تحملت أعباءها هذه العوائل المظلومة عبر سنوات عجاف، لا اعادها الله تبارك وتعالى على شعبنا وبلدنا. ويمكن القول أن عمل لجان المؤسسة بهذا الإجراء الغريب لا يمكن تفسير مراميه ،إلا من خلال نافذة الخشية التي تقوم على ظهور ما يؤشر خللا واضحا في ترويج معاملة الشهيد، التي ربما ما يزال بعضها يعيش بمرحلة سبات عميق في رفوف أحدى الوزرات او الدوائر يغطيها غبار النسيان والإهمال .
في امان الله .