التنظيم ليس حقاً فقط بل واجباً ايضاً.. وامر طبيعي ظهور الحركات والتنظيمات الاسلامية.. لكنها بقيت محاولات لا تتعدى اسمائها، خيراً او شراً. فيقال خرج "الخوارج" على امير المؤمنين عليه السلام.. وصار الحكم في فترة "بني امية" ملكاً عضوضاَ.. ونقل "اخوان الصفا" الكثير من افكار اليونان.. واسس عبده والافغاني مجلة "العروة الوثقى".. الخ.. وهذا كله امر طبيعي ويضع الامور في نصابها.
ان الدعوات لمنع المسلمين تنظيم انفسهم باطلة يحركها فكر لا يقل فتنة عن غيره.. فهناك احزاب تسمي نفسها "ديمقراطية مسيحية" و"اشتراكية مسيحية"، ودولة كاملة تعتمد الدين كقومية وعقيدة وحقوق تاريخيه، ونقصد بها "اسرائيل"، وهناك غيرها.. لينحصر الكلام بمحاصرة الاسلام باستغلال اخطاء بعض "الاسلاميين".. الذين جعلوا انفسهم ممثلين للاسلام والمسلمين وبديلاً عنهم.. فصارت اخطاؤهم اخطاء الاسلام من جهة.. والوقوف بوجهها وقوفاً ضد الاسلام والمسلمين من جهة اخرى.
يقيناً ان المسألة ليست قضية تعبير بالاساس.. بل هي رغبة البعض لاحتكار الدين، او سعي لدى الاخرين لمحاربة الدين.. وهي رغبة لم تتوقف ولن تتوقف، ولها في كل مرة مدعيات ومسميات مختلفة. فعندما يعطي بعضهم لنفسه موقعاً ينتزعه خارج ارادة المسلمين ومجتمعاتهم، ويعتبر نفسه فوقهم ومتقدماً عليهم وقيماً عليهم، وعندما يمارس الارهاب او العنف او الاستبداد وفرض الراي باسم الاسلام.. وعندما تنفصل منظمته عن الامة وتصبح بديلاً لها، تطبق قوانينها وشريعتها على المجتمع بعيداً عن ضوابط الشرع ومرجعياته واحكامه، فانه يخرج ان يكون عنواناً محدداً بذاته للحراك، ويتحول الى استلاب وتعميم، يسمح للاخرين بالتعميم والاستلاب ايضاً.. وهذا كله بناء للفتن والانحرافات.. وهذا بذاته خطر على التنظيم بانعزاله عن جماهيره وفرضه قيمومته على الامة والمسلمين.. والذين سيخسرون بدورهم بانفصال تنظيماتهم عنهم وتبني سياسيات ومواقف لا تمثل مصالحهم، وصحيح معتقداتهم.
عادل عبد المهدي