في ظل حالة المد والجزر التي تشهدها المنطقة مع تصاعد حدة التواترات الطائفية لابد من الالتفات الى ما يحدث في سوريا من متغيرات انعكست اثارها سلبا على الداخل العراقي بتسارع وتيرة الاحداث الامنية وتزايد حالات الاستهداف الممنهج الذي يذكرنا بما شهدته البلاد العام ٢٠٠٥ وان تحدث البعض عن وجود خروقات الى انها ليست كذلك بالمعنى الدقيق للوصف لان الخرق الامني اذا ما حدث فان حالات حصوله لا تتكرر بسهولة وهذا يعني ان هناك بنية منظمة قوية تتعرض لاختراق ما بينما الوضع في العراق اشبه ما يكون بالفوضى الامنية وعدم وجود القيادة الواضحة والخطط المحكمة التي تجبر قوى الارهاب على التراجع والتقهقهر لا ان تتحول الى قوى اساسية في المشهد الامني والسياسي وبعيدا عن اسباب قوة التنظيمات الارهابية ومن يقف ورائها ومن يغذيها ويخطط لها ويدعمها ويمنحها الغطاء لتنفذ مثل هذه الاعمال القذرة لابد من وجود حلول سياسية وقانونية تمنع اسباب هذا الدعم وتقلل منه وتسهم بردع القوى الخارجية والداخلية من ممارسة عمليات القتل واستباحة الدم العراقي وهنا يمكن ان نصف التصريحات الحمقاء لبعض الساسة على انها تصريحات انفعالية فارغة تبريرية تدور حول المشكلة ولا تغوص الى قعرها لحلها جذريا فمثلا التصريحات التي سمعناها من برلمانيين في فريق الحكومة والتي تؤشر وجود تدخل خليجي سعودي واخر اقليمي تركي في الشان العراقي وهي وجهة نظر تتطابق مع ما نعرفه ونراه ونلمسه وهو ما صرحت به وثائق امريكية قبل اشهر لكن المستغرب ان احدا لم يحدد كيفية الردع ومنع ىهذه الاطراف من التدخل ودعم جماعات القتل الوالغة بالدم العراقي وباستعراض تصريحات اخرى تتحدث عن عدم الصمت عن جرائم القتل المدعزمة خارجيا نجد ان الخطاب هو ذاته بينما يشنع العلواني ويهدد ويتوعد بل ويدافع عن افكار سمجة من قبيل انه يحارب علنا مليشيات ايران في العراق دون تسمية هذه المليشيات وتحديدها ليكون بذلك كل شيعة العراق تحت مرمى نيران جماعات العلواني وخطابه التاجيجي المدفوع الثمن ليس هذا فحسب بل ان البرلمان لم يكلف نفسه برفع حصانته عن هذا القاتل وامثاله وهم كثر ولم يدن تصريحاتهم وافعالهم لنبقى في نفس دائرة التسويف والمماطلة التي تصب كلها في اضعاف الدولة وتحويلها الى دولة (شقاوات) وفتوات وجماعات مسلحة متناحرة تستقوي بالارهابيين والماجورين وكاننا نتغافل عن صفقات دولية بات العراق المتضرر الاكبر منها فكل دول المنطقة لاتريد ان ينتهي مسلسل اراقة الدم العراقي بما فيها امريكا التي تقول على لسان رئيسها انها تدافع عن امنها القومي وكل ذلك يتم باستقطاب جماعات الارهاب الى منطقة الشرق الاوسط لتكون مسرحا لتصفيات متبادلة بين المجتمعات المتعايشة منذ قرون وهي متى ما ارادت التدخل فانها ستفعل تحت عناوين اخرى من قبيل الحفاظ على الديمقراطية وحماية حريات الشعوب . ان الازمة السورية وما شهدته من متغيرات بعد تمركز قوى متطرفة فيها وتقاتلها فيما بينها وتهديد بعضها البعض الاخر يعني ان جزءا كبيرا منها سيضطر لمغادرة هذا البلد واعتقد ان الملاذ الذي يمكن ان يكون مناسبا لبعض هذه القوى الطفيلية الارهابية لن يكون لبنان او الاردن وحتى تركيا ولن يكون السعودية واوربا وهذه البلدان التي جاء منها معظم الارهابيين بل سيكون العراق على اعتبار ان جبهة النصرة الارهابية وما يسمى بدولة العراق والشام الارهابية لها امتدادات داخل العراق وهي تسعى لاستغلال هذا الامتداد وايجاد مكان لها على خارطة التاثير في العراق فهل نكون مخطئين اذا قلنا ان ما يشهده بلدنا من تداعيات امنية خطيرة ليست بسبب هذه الستراتيجية التي يشير اليها الكثير من المحللين الغربيين ولعلهم على علم بما يخطط له بعض امراء الحرب الاقليميين لتعويض فشلهم المتنامي في سوريا بعد ان اتفقت القوى الكبرى ممثلة بروسيا وامريكا على ايجاد تسوية للاوضاع هناك وانطلاقا من هذا الافتراض اقول هل تكفي خططنا الامنية التقليدية والضعف الاستخباري وتسليح الجيش العراقي الاقل من نظرائه في المنطقة والعالم في التصدي لمثل هذه الاخطار والتهديدات الحقيقية ناهيك عن ضعف الاداء الدبلوماسي والتاثير العام في حكومات المنطقة التي تصنف عدوة في اغلبها وما الذي يخيفها اذا كانت هذه الدول تدرك كل هذا الضعف وتتعامل معنا على هذا الاساس وهذا ليس خطابا محبطا بقدر ما هو حقيقة يجب ان نتعامل معها بالتخلي عن نهج التهرب من المسؤولية والتصدي لها ظاهريا اوقات الرخاء ورمي الكرة في ملعب لاخرين وقت الشدة وان تحقق جزء من ذلك فاعتقد ان الحال سيتغير لما نتمناه كمواطنين نريد العيش بحرية وسلام وتجنيب شعبنا كل هذه الويلات .