"هذا تصريح صحيح ومثير للنقاش.. فعندما نشكك بوطنية بعضنا فلا شك هناك مشكلة.. ولعلها تفجرت بانهيار العثمانيين وتغير ارضية الانتماء. فالرابطة الاساسية لتحديد الهوية كانت العقيدة او الدم.. ولم تدخل رابطة الموقع والوطن الا بصعود الدولة القومية. تطور تاريخي لم نلبِ متطلباته لنعيش في وطن منسجم ينصف الجميع، دون اقصاء لاحد. فصار الضحية الوطن والمواطن. فورثنا حسب المعاهدات الدولية ما للخلافة على ارض الرافدين.. فصدر قانون الجنسية لتعريف العراقي وتضمن: (أ) منح الجنسية للتابعية العثمانية والساكن ارض العراق في ٦/٨/١٩٢٤.. و(ب) لكل من كان هو او والده قد اعتاد السكن في العراق منذ ٢٣/٨/١٩٢١.. وبدل ان يفهم التسلسل كضرورة انشائية، فهمت (أ) مواطن الدرجة الاولى و(ب) مواطن الدرجة الثانية، او "التبعية".. فمنعت الجنسية او اسقاطت عن مئات الالاف، واثارت مشاحنات وصراعات وردود افعال مضادة لم تتوقف –ليومنا- عن ماهية الوطني والوطن والمواطنة.
فالتاسيسات الخاطئة ولدت فهماً خاصاً للوطن.. ففريق يرى الشيعة وكأنهم "صفويون".. واخرون يرون السنة وكأنهم "امويون" او "وهابيون".. وغيرهم يرى الكرد كانفصاليين.. فالسياسات لم تربِ او تقنع الجميع ليروا الوطن بفهم موحد مشترك.. فالبنسبة للبعض يجب ان تسب ايران لتكون وطنياً.. وللاخرين ان تسب السعودية او تركيا.. وهلمجرا. فالوطن الحقيقي ما زال غائباً لينصفنا.. و"وطن" كل منا ينهكه "وطن" الاخر.
مرت اجيال والعراقيون بكافة فئاتهم يقدمون اغلى التضحيات.. وبضمنهم حكامهم، فمنهم من سحل او قتل ولم ينعم او يسلم منهم الا القليل.. فاغلبهم بدل ان يعالج النقص، سعى للاستفادة منه لاغراض الحكم.. فالعراقي كان وفياً جداً لوطنه.. لكن وطنه الضائع والمضيّع بين تقسيمات الاجنبي وسياسات الاستبداد والطائفية المقيتة لم يفِ المواطن حقه.
الماء هو الحياة.. وغيابه وفيضاناته تعني الموت.. والوطن حقوق ومواطنة، وغيابه وسط التطبيقات والتأويلات الضيقة والمزايدات البائسة يحوله لوحش يلتهم المواطنين.. ويقول هل من مزيد!!
عادل عبد المهدي