وأعلن إيمانه بالمصالح العامة المنسجمة مع مشروعنا الوطني في بناء محافظانتا ووطننا، وإلتزامه بقرارات الكتلة لكن الشيخ السليطي عند أداء الواجب في خدمة الوطن ومحافظته،قدم المصالح الشخصية على المصلحة العامة والحسابات الضيقة على حسابات الوحدة والجماعة، وغابت عنده روح الوطن وروح الخدمة وحضرت عنده الأنا وبان عنده حب الدنيا الذي هو منشأ الفتن والهلاكات،
فإذا نظرنا الى حب الدنيا على إمتداد التاريخ؛ نرى أن منشأ وأساس الفتن والإنحرافات والخلط بين الحق والباطل، وهناك الكثير ممن أثاروا الفتن وافتعلوا المشاكل والأزمات لأجل حب الدنيا والمقام والجاه والمنصب،
ونورد هنا درسا من دروس الإمام علي بن أبي طالب لأحد ولاته، يُروى أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أراد - على الأرجح - تعيين رجلٍ من ثقيف والياً على إحدى المناطق، فقال عليه السلام له: "إذا صلّيت الظّهر غداً فعُد إليّ". والمتعارف عليه في زماننا عند تعيين محافظ أو مسؤول، إنّ الحاكم يستدعيه ليبلغه ما لديه من توصيات. يقول هذا الشخص: "فعُدت إليه في الوقت المعيّن، فلم أجد عنده حاجباً يَحبِسُني دونه، فوَجَدتُه جالساً وعنده قدح وكوز ماء، فدعا بوعاءٍ مشدودٍ مختوم، فقلتُ في نفسي: لقد أمّنني حتّى يُخرِج إليّ جوهراً، فكَسَر الختم وحلّه، فإذا فيه سُويق، فأخرج منه فصبّه في القدح وصبّ عليه ماءً، فشرب وسقاني، فلم أَصبِرْ، فقلت: يا أمير المؤمنين: أتصنع هذا في العراق وطعامه كما ترى في كثرته؟ فقال: أمّا والله، ما أختم عليه بخلاً به - أي إنّني لا أخاف أن يأكل أحدٌ ما من هذا الطّحين الرّخيص - ولكنّي أبتاع قدر ما يكفيني من هذا الطّحين، وهو من أرخص الأنواع، فأخاف أن يَنقُص فيُوضع فيه من غيره - أيْ إنّني أخاف أن يضع فيه أحد من غير الطّحين الذي إبتعته - وأنا أكره أن أُدخل بطني إلاّ طيّباً - أيْ إنّني أريد أن آكل طعاماً طيّباً- اشتريتُه من مالي ولا مال فيه لأحد".
عندما أراد أمير المؤمنين عليه السلام أن يُعلّم هذا الوالي، إستدعاه ليريه هذا المشهد، وليقول له هذا الحديث، في حين أنّه كان باستطاعته أن يوصيه في المسجد، لكنّه أحضره ليُفهِمه ويقول له:
إنّك ذاهبٌ لتتولّى مدينة فيها جموعٌ من النّاس تكون تحت إمرتك، ولذلك عليك الانتباه لخَرَاجهم وأموالهم وأرواحهم وأعراضهم، فهذه السّلطة ليست مطلقة، فكونك والياً لا يعني أنّك مطلق اليد وحرٌّ في التّصرّف، فالتَفِت، وافهَم ما الذي تقوم به.
إن سماحة السيد عمار الحكيم، قائد الأمل قد أعطى درسا من دروس القيادة والحنكة السياسية وضرب مثلا في كيفية التعامل مع من خان العهد والأمانه ولم يلتزم بما ألزم به نفسه عند الإنتخابات، إن هذا هو الدرس الأول وإن هناك دروس عديدة لمن لم يفهم السيد الحكيم ومشروع الحكيم، عليه أن يراجع نفسه ومواقفه وعليه أن يفهم مشروع الحكيم وثوابته، وأن يذوب في مفاهيم الحكيم كي يستطيع أن يكون جزء من المشروع ورجالاته قولا وفعلا، وقريبا من الوطن والمواطن ومعاناته وهمومه وآماله وتطلعاته، ولا مكان فيه لمن يغرد خارج هذا المشروع وروحه،
إن قرار السيد الحكيم قرار تأريخي شجاع في واقعنا السياسي العراقي، حيث لم نسمع ومن سنوات بهكذا قرار، إنه انتصار للوطن والمواطن البصري المظلوم ولأرواح وتضحيات الأبرياء والمحرومين نصرا على الفاسدين والمقصرين.