سواء صحت التكهنات ام لا، لكنها ترجمان لوقائع من التضاذ يصعب تغافلها.. ففي المناطق المشخصة للعراق والبلدان الاخرى المعنية تتعزز تواجدات "الامر الواقع" بحساسياتها ومطالبها وسلطاتها الميدانية، رغم استمرار استظلالها بالراية الوطنية.. وما لم تنطلق خيارات فاعلة بديلة للمواقف والسياسات المتعصبة والحمقاء الجارية، فان تحولها لكيانات مستقلة متنازعة ستبقى مسالة وقت وظرف ليس الا، وستزداد المشاحنات ومخاطر التصادمات. سيرجع البعض الامر للنزعات المذهبية والقومية بعد (٢٠٠٣).. والصحيح، عكس ذلك تماماً.. فالنزعات كانت مقموعة ومكبوتة، وفجرتها الاحداث. اضافة ان الاشكالية عامة وليست خاصة بالعراق.. فالخارطة تشير لانقسام السعودية وسوريا وليبيا واليمن لخمسة وثلاثة وكيانين على التوالي. فكما ان قيام وتوحد الدول حقيقة تاريخية، فانقسامها حقيقة ايضاً.. فالامم المتحدة تأسست من ٥١ دولة (١٩٤٥) وبلغت ١٩٣ (٢٠١١).
الدول تقوم لعوامل متشابكة، مع عامل محوري كقطب للرحى.. كالعائلية لاغلب دول الخليج.. والقومية كالمانيا وتركيا وايطاليا وايران وفرنسا واليونان.. والتاريخ كالصين والهند وروسيا.. وجغرافيا البحار او الجبال او الصحراء او الانهار كبلاد النيل والرافدين والشام.. وترسخ التقاليد والنظم كالمملكة المتحدة.. والدين كاسرائيل والفاتيكان وباكستان وجنوب السودان.. والفلسفة والعقائد كالدول الاشتراكية.. والمذاهب كالدول البروتستانتية والكاثوليكية والسنية والشيعية.. والارض الجديدة والثروة والعمل كالولايات المتحدة وكندا وامريكا الجنوبية.. وتقسيمات ما بعد الحروب والمستعمرات ومناطق الحرام والمنازعات والحياد كاستراليا وسويسرا واللوكسمبورغ والعديد من الدول العربية والاسيوية والافريقية والامريكية.
العراق بلد جذوره حضارات وادي الرافدين.. يختلط الدين والقومية والمذهب والزراعة والنفط، وبلد مرور واستقرار.. بلد الغزوات منه واليه.. بجغرافيته الخاصة بجبالها وصحاريها وانهارها من جهة، وديمغرافيته الحضرية والعشائرية والمحيطة وتأثيراتها المتبادلة من جهة اخرى.. وادٍ عرف تاريخياً الوحدة والانقسام والتوسع.. فهل ننتظر عوامل التضاذ والصراع والتراجع لتزيدنا تخلفاً وانقساماً؟
ام عكس الاتجاهات لنخرج كشعوب اكثر قوة ووحدة؟ وهذا ممكن بتحقق امرين غير تعجيزيين.. هما "عقلية التجديد"، و"تغيير الاولويات".. ليصبح الاقتصاد والمصالح "اولوية" تخدمها بقية الاولويات.. والاخذ بعقلية "التجديد" والانطلاق والانفتاح الداخلي والخارجي لتغليب المشتركات، وجعلها القاعدة لتكامل مكونات تسعى للاتحاد.. لتطويق الخلافات وليس العكس. (للبحث صلة)
عادل عبد المهدي