فالواجب هو ما لم يسبق بعدم ولا يلحق بعدم ، أما الممكن فهو ما سبق بعدم ويلحق بعدم
فالواجبٌ بذاته هو الله و الممكن هو الإنسان
ماهية نظرة الممكن للموت :
بما أن الإنسان كائن مادي فلا يرى الفناء إلا بتوقف الحالة المادية للإنسان أو ما تعرف بالحركات الفسيولوجية ، فمجرد خروج الروح من الجسم وما يترتب عليها من توقف الحركات الإرادية أو اللاإرادية للإنسان يعني أن الإنسان قد فارق الحياة ، وهذه هي النظرة الواقعية من قبل الممكن للموت لأنه مالا تدركه حواسه لا يمكن أن يتصوره إلا من قدر أسبر الملكوت علماً.
إذا كيف نتصور النظرة الإلهية للموت ؟
يمكن تقسيم الكلام في مجالين
الأول مجال الخطاب الإلهي نحو هداية الخلق والدعوة نحو أتباع الخط المرسوم من قبل المولى جل اسمه .
و مجال الثاني الشهادة والشهيد وما يترتب عليها من حياة أخرى ؟
أما فيما يخص الجانب الخطابي فيقول الحق جل جلالة وعم نواله في سورة الأنفال آية ٢٤
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ
من خلال السياق العام للآية الكريمة يتبين أن دعوة الحق جل جلاله فيها إحياء وحياة
فمن أتبع واستجاب للدعوة فهو حيٌ ومن لم يستجب فهو في عداد الموتى لأن الحياة هي الدين وبالعكس ، فمن فهم الدين وأتبع خطوات الله فهو الحي ويستحق الحياة أما من خالف الأوامر وعمل بالنواهي فهو ميت قبل أن يموت .
والإتباع لا يكون عشوائيا فكلٌ يدع الوصل ولكن هل من أدعى أنه سائر على الهدى فهو تابع ؟ أو أنه سائر وفق منهج لكن المنهج المٌتَبعَ خاطئ ؟ فمثله كمثل من يسر في طريق لكن ليس هو المراد الموصل للحقيقة ، فهو سائرٌ على هدى لكن ليس هو المرجو إتباعه
فخلاصة القول :
" إن من اتبع القرآن وعِدلُ القرآنِ فقد اهتدى ونجا ، وأما من سار خلافهما فقد ضل وهوى "
أما في الشق الثاني حول النظرة الإلهية للموت فهو ما يتثمل في دور الشهادة والشهيد
فيقول الحق جل اسمه في سورة آل عمران آية ١٦٩
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
حيث كما قلنا أن النظرة المادية للموت هي بخروج الروح من الجسم ، إلا أن القرآن ضرب بهذه النظرية عرض الجدار بالقول أنه ليس كل من خرجت روحه فهو ميت ؟
حيث أن الشهيد رغم خروج روحه إلا أنه حيٌ ولكن لا تشعرون ، أي أنه من أتبع خطوات الله فهو حيٌ رغم موته ، حيٌ بإمتثاله للأوامر الإلهية ، حيٌ بإحياءه لشعائر الله ، حيٌ بروحه لا بجسده .
وما الحياة إلا حياة الروح ، أما الجسد فيبلى ويفنى أما مراد الله من الحياة فهي حياة الأرواح بمساعدة الأبدان ، أي أن الأبدان وسيلة للوصل إلى مراد الله ، لا غاية في نفسها .
خلاصة القول :
" علينا أن نحيا كي نحيا "
" لا نحيا كي نموت "