مكارم القائد أوصلت أولئك لمرتبة كبيرة, لكنهم لم يغادروا ثوب الراذلة؛ مثلوا الطاغية في مدينة الشهداء, فأعتبر -بنظرهم- حتى الحجر مسيس ضد الحزب والثورة. لم تزل تلك المعلمة التي أضطهدها (الشيخ) ضرباً أثناء الفصل, تذكر مأساتها, ولعلها تحولت إلى معارضة لكل الأنظمة التي تسلّط الحقراء.
سقط الطاغية, وفي كل بيت, هناك في القرنة, حفل عزاء, زغاريد مشفوعة بدموع, عويل ودوي للقلوب المفجوعة والفرحة, صور قديمة مترّبة لم يرها الشباب, ولم يألفها أحد, صور لرجال صاروا أرقام في مقابر النسيان. أنتهت أسطورة "ممثل القائد" وحافظ سلطته, وأنشغل جناب الشيخ بالبحث عن ملجأ آمن, فضلاً عن الحراسة المشددة خوفاً من الثأر والإنتقام. ثم توجه إلى القاهرة ملبياً دعوة الإرهابي (حارث الضاي).
ومن قبّلَّ يد الجلاد, يسهل عنده سفك الدم..نزاع عشائري, جعل أحدهم يقطع الشارع بحثاً عن شخص من العشيرة الثانية, وقد وجدوه..عائلة لا شأن لها بذلك النزاع, أنزل الأب والأبن, والزوجة تنظر من خلف زجاج العجلة, فقتلهما وحرق الجثث!..ثم أصبح نائباً عن كتلة (دولة القانون), فأنتهت القضية..!
هكذا هو القانون في العراق, وهذه هي حقيقة دولة القانون في ظل الزعيم الزائر.!
مشهدٍ يذكرنا بما بدأنا به الحكاية, السبت ٣٠/١١/٢٠١٣, مئات العجلات, لكنها أحدث, وأكثر تطوراً, ترفرف فوقها مجموعة من الطائرات العمودية, تزعج هدوء الأهالي, فرغم تخلصهم من الأسم القبيح الذي سبق أسم مدينتهم الدال على إقتران النهرين, غير إنهم لم يحظوا سوى بمجموعة من شركات النهب والسلب لثرواتهم المخبأة تحت الأرض.
يحط الركب في نفس المكان الذي زاره المقبور قبل أكثر من عقد, ويخطب الرئيس قائلاً: "عائلة مجاهدة..." ونعم الجهاد, فمن ينسى حفلاتهم الراقصة في ليلة العاشر من المحرم؟!
الرئيس, يمتلك الطموح والرغبة, ولا يمتلك الشجاعة؛ وكم تمنى أن يتحول الأسم إلى (نورية القرنة) أو (مالكية القرنة)؟!