السيرة الذاتية للإمام :
الإمام الرابع من الأئمة الأثنى عشر المعصومين :
اسمه : علي بن الحسين بن أبي طالب عليه السلام
أشهر الألقاب : زين العابدين و السجاد
أشهر الكنى : أبو محمد
محل الولادة : المدينة المنورة
تاريخ الولادة : ٥ شعبان ٣٨ هـ
اسم الأب : الحسين عليه السلام
اسم الأم : (شهربانويه أو شاه زنان ) بنت يزدجر
كتابة الخاتم : الحمد لله العلي أو العزة لله
العمر الشريف : ٥٧ سنه
مدة الإمامة : ٣٤ سنه
عدد البنون : ١١
عدد البنات : ٤
تاريخ الوفاة : السبت ٢٥ محرم ٩٥ هـ .
قاتله أو سبب القتل : هشام بن عبد الملك بسبب السم الذي سقاه إياه .
محل الدفن : المدينة المنورة البقيع .
هدم مرقده : ٨ شوال سنة ١٣٤٤ هـ .
ولادته :
كان مولد الإمام علي بن الحسين عليه السلام بالمدينة سنة ثمان وثلاثين من الهجرة، فبقى مع جده أمير المؤمنين عليه السلام سنتين، ومع عمه الحسن عليه السلام اثنتي عشرة سنة، ومع أبيه الحسين عليه السلام ثلاثا وعشرين سنة، وبعد أبيه أربعا وثلاثين سنة، وكانت إمامته أربعا وثلاثين سنة .
وأمه شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى، ويقال: أن اسمها كان شهر بانويه، وكان أمير المؤمنين عليه السلام ولى حريث بن جابر الحنفي جانبا من المشرق، فبعث إليه ابنتي يزد جرد بن شهريار بن كسرى، فنحل ابنه الحسين عليه السلام شاه زنان منهما، فأولدها زين العابدين عليه السلام ونحل الأخرى محمد بن أبي بكر فولدت له القاسم بن محمد بن أبي بكر فهما ابنا خالة (*) .
وهناك روايات أخرى يظهر فيها أن زواج الإمام الحسين عليه السلام من بنت يزد جرد كان في خلافة عمر بن الخطاب و أخرى في خلافة عثمان .
قال ابن شهر آشوب : لقبه : زين العابدين ، وسيد العابدين ، وزين الصالحين ، ووارث علم النبيين ، ووصي الوصيين ، وخازن وصايا المرسلين ، وإمام المؤمنين ، ومنار القانتين والخاشعين ، والمتهجد ، والزاهد ، والعابد ، والعدل ، والبكاء ، والسجاد ، وذو الثفنات ، إمام الأمة ، وأبو الأئمة ، ومنه تناسل ولد الحسين . وكنيته : أبو الحسن ، والخاص ، وأبومحمد (*) .
أولاد الإمام علي بن الحسين عليهما السلام خمسة عشر ولدا:
١- الإمام محمد الباقر عليه السلام .
٢- عبد الله
٣- الحسن
٤- الحسين
٥- زيد
٦- عمر
٧- الحسين الأصغر
٨- عبدالرحمن
٩- سليمان
١٠- محمد الأصغر
١١- علي وكان اصغر ولد الإمام على بن الحسين عليهما السلام
١٢- خديجة .
١٣- فاطمة .
١٤- علية
١٥- أم كلثوم .
الدلائل على إمامته
وذكر الشيخ المفيد في الإرشاد ما يدل على إمامته عليه السلام :
١ ـ أحدها: انه كان أفضل خلق الله تعالى بعد أبيه علما وعملا، والإمامة لا فضل دون المفضول بدليل العقول .
٢ ـ ومنها: انه كان أولى بأبيه الحسين عليه السلام وأحق بمقامه من بعده بالفضل والنسب، والأولى بالإمام الماضي أحق بمقامه من غيره بدلالة آية ذوى الأرحام، وقصة زكريا عليه السلام .
٣ ـ ومنها: وجوب الإمامة عقلا في كل زمان، وفساد دعوى كل مدع للإمامة في أيام علي بن الحسين عليهما السلام أو مّدعٍ لها سواه، فثبتت فيه لاستحالة خلو الزمان من الإمام .
٤ ــ ومنها ثبوت الإمامة أيضا في العترة خاصة، بالنظر والخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وفساد قول من ادعاها لمحمد بن الحنفية (رضى الله عنه) لتعريه من النص عليه بها، فثبت إنها في علي بن الحسين عليهما السلام إذ لا مُدّعي له الإمامة من العترة سوى محمد وخروجه عنها بما ذكرناه .
٥ ــ ومنها نص رسول الله صلى الله عليه وآله بالإمامة عليه، فيما روى من حديث اللوح الذي رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وآله، ورواه محمد بن علي الباقر عليهما السلام عن أبيه عن جده عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، ونص جده أمير المؤمنين عليه السلام في حياة أبيه الحسين عليه السلام بما ضمن ذلك من الأخبار، ووصية أبيه الحسين عليه السلام اليه وايداعه أم سلمة ما قبضه علي من بعده، وقد كان جعل التماسه من أم سلمة علامة على إمامة الطالب له من الأنام، وهذا باب يعرفه من تصفّح الأخبار، ولم نقصد في هذا الكتاب إلى القول في معناه فنستقصيه على التمام . (*)
من وصاياه لأبنه عليهما السلام :
عن محمد بن مسلم، عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال: قال أبي علي بن الحسين عليهما السلام: يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم، ولا ترافقهم في طريق فقال: يا أبه من هم؟ عرفنيهم، قال:
١- إياك ومصاحبة الكذاب فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ويبعد لك القريب
٢- وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بايعك بأكلة أو أقل من ذلك
٣- وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه
٤- وإياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك
٥- وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع قال الله عزوجل: { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله إلى } وقال عزوجل: { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار } وقال في سورة البقرة: { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون } (*) .
وقال عليه السلام لبعض بنيه: يا بني إن الله رضيني لك ولم يرضك لي، فأوصاك بي ولم يوصني بك، عليك بالبر تحفة يسيرة .
ومن مواعظه عليه السلام :
أين السلف الماضون ، والأهل والأقربون ، والأولون والآخرون والأنبياء والمرسلون ، طحنتهم والله المنون ، وتوالت عليهم السنون وفقدتهم العيون ، وإنا إليهم لصائرون ، فأنا لله وأنا إليه راجعون :
إذا كان هذا نهج من كان قبـــــــــلنا فأنا عـلى أثارهم نـــــــــــــتلاق
فكن عالما ان سوف تدرك من مضى ولو عصمتك الراسيات الشواهق
فما هذه دار الــــــــمقامة فاعــــلمن ولو عمر الانسان ماذر شاهــــق
أين من شق الانهار ، وغرس الاشجار ، وعمر الديار ألم تمح منهم الاثار ، وتحل بهم دار البوار ، فاخش الجوار فلك اليوم بالقوم أعتبار فانما الدنيا متاع ، والاخرة دار القرار :
تخرمهم ريب المـنـــــــون فلم تكن لتنفعهم جناتهم والحـــــــــــدائق
ولا حملتهم حين ولوا بجمعــــــهم نجائبهم والصافنات الــــــسوابق
وراحوا عن الاموال صفراً وخلفوا ديارهم بالرغم منـــــــهم وفارقوا
أين من بنى القصور والدكاسرة ، وهزم الجيوش والعساكر ، وجمع الأموال والذخائرة ، وحاز الآثام والجرائر ؟ ، أين الملوك الفراعنة والأكاسرة والسياسنة ؟ ، أين العمال والدهاقنة ؟ ، أين ذو النواحي والرساتيق ، والأعلام والمجانيق ، والعهود والمواثيق ؟
كأن لم يكونوا أهل عز ومنعـــــــة ولا رفـعت أعلامهم والمــــــــناجق
ولا سكنوا تلك القـصور التي بنوا ولا أخذت مــــــــنهم بعهد مواثــق
وصاروا قبورا دارسات وأصبحت منازلهم تسفي عليها الخوافق (* )
في مواجهة يزيد بن معاوية الأموي لعنه الله :
ومن أشهر مواقفه مع بني أمية هو كشفه ليزيد أمام أهل الشام ، وذلك بعد وصول السبايا للشام ، فقد خطب الإمام عليه السلام تلك الرائعة التي أوردها في مسجد الشام ، فقد قال الإمام للخاطب الذي سبقه إلى المنبر : اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق ، فتبوَّأ مقعدك من النار .. وتوجه إلى يزيد وقال له : أتأذن أن أصعد هذه الأعواد فأتكلم بكلام فيه لله رضىً ولهؤلاء الجلساء نفع وثواب ، فسمح له .
أيها الناس أحذركم الدنيا وما فيها ، فإنها دار زوال ، قد أفنت القرون الماضية ، وهم كانوا أكثر منكم مالاً ، وأطول أعماراً . وقد أكل التراب جسومهم ، وغيَّر أحوالهم . أفتطمعون بعدهم ، هيهات هيهات ، فلابد من اللحوق والملتقى . فتدبَّروا ما مضى من عمركم وما بقي ، فافعلوا فيه ما سوف يلقي عليكم بالأعمال الصالحة قبل انقضاء الأجل وفروغ الأمل ، فعن قريب تؤخذون من القصور إلى القبور ، وبأفعالكم تحاسبون . فكم - والله - من فاجرٍ قد استكملت عليه الحسرات ، وكم من عزيز قد وقع في مهالك الهلكات ، حيث لا ينفع الندم ، ولا يُفات من ظَلم .. ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربُّك أحداً .
قالوا : فضج الناس بالبكاء لبالغ أثر مواعظه في أنفسهم ثم قال : " أيها الناس ، أُعطينا ستّاً وفُضِّلنا بسبع :
أُعطينا العلم ، والحلم ، والسماحة ، والفصاحة ، والشجاعة ، والمحبة في قلوب المؤمنين .
وفُضِّلنا بأن منَّا النبيَّ المختار محمداً صلى الله عليه وآله ، ومنّا الصدّيق ، ومنّا الطيار ، ومنّا أسد الله وأسد رسوله ،ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول وسيدا شباب أهل الجنة .
مَن عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي .
أيها الناس ! أنا ابن مكة ومنى ، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن مَن حَمل الرُّكن بأطراف الرداء ، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى ، أنا ابن خير من انتعل واحتفى ، أنا ابن خير من طاف وسعى ، أنا ابن خير من حجَّ ولبَّى ، أنا ابن من حُمل على الْبُراق في الهواء ، أنا ابن من أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى ، أنا ابن من دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ، أنا ابن من صلَّى بملائكة السماء ، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى ، أنا ابن محمد المصطفى ، أنا ابن علي المرتضى ، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا : لا إله إلا الله .
أنا ابن مَن ضرب بين يدي رسول الله بسيفَين ، وطعن برمحَين ، وهاجر الهجرتَين ، وبايع البيعَتين وقاتل ببدر وحنَين ، ولم يكفر بالله طرفة عَين .
أنا ابن صالح المؤمنين ، ووارث النبيين ، وقامع الملحدين ، ويعسوب المسلمين ، ونور المجاهدين وزين العابدين ، وتاج البكائين ، وأصبر الصابرين ، وافضل القائمين من آل ياسين رسول رب العالمين . أنا ابن المؤيد بجبرئيل ، المنصور بميكائيل ، أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين ، وقاتل المارقين والناكثين والقاسطين ، المجاهد أعداءه الناصبين ، وأفخر من مشى من قريش أجمعين ، وأول من أجاب واستجاب لله ولرسوله من المؤمنين ، وأول السابقين ، وقاصم المعتدين ، ومبيد المشركين ، وسهم من مرامي الله على المنافقين ، ولسان حكمة العابدين ، وناصر دين الله ، وولي أمر الله ، وبستان حكمة الله ، وعيبة علمه .
سمحٌ ، سخيٌّ ، بهيٌّ ، بهلولٌ ، زكيٌّ ، أبطحيٌّ ، رضيٌّ ، مقدامٌ ، همامٌ ، صابرٌ ، صوام ، مهذبٌ ، قوامٌ ، قاطعُ الأصلاب ، ومفرقُ الأحزاب ، أربطهم عناناً ، وأثبتهم جَناناً ، وأمضاهم عزيمة ، وأشدهم شكيمة ، أسد باسل ، يطحنهم في الحروب إذا ازدلفت الأسنَّة وقربت الأعنَّة طحن الرحى ، ويذروهم فيها ذرو الريح الهشيم ، ليث الحجاز ، وكبش العراق ، مكيٌّ مدنيٌّ خيفيٌّ عقبيٌّ بدريٌّ أحديُّ شجريٌّ مهاجريٌّ . من العرب سيدها ، ومن الوغى ليثها ، وارث المشعَرين وأبو السبطَين : الحسن والحسين ، ذاك جدي علي بن أبي طالب .
ثم قال : أنا ابن فاطمة الزهراء ، أنا ابن سيدة النساء ...
فلم يزل يقول : أنا أنا ، حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب ، وخشي يزيد ( لعنه الله ) أن يكون فتنة ، فأمر المؤذن فقطع عليه الكلام . فلما قال المؤذن : الله أكبر قال علي : لا شيء أكبر من الله ، فلما قال: أشهد أن لا إله إلاّ الله ، قال علي بن الحسين : شهد بها شعري وبشري ولحمي ودمي ، فلما قال المؤذن : اشهد أن محمداً رسول الله ، التفت من فوق المنبر إلى يزيد فقال : محمد هذا جدِّي أم جدُّك يا يزيد ؟. فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت وكفرت ، وإن زعمت أنه جدي فَلِمَ قتلتَ عِترَته ؟ قال : وفرغ المؤذن من الأذان والإقامة وتقدم يزيد فصلَّى صلاة الظهر .
ثانيا : في مواجهة عبد الملك بن مروان الأموي .
روى ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب عن ابن شهاب الزهري قال :
شهدت علي بن الحسين يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام فأثقله حديدا ووكل به حفاظا في عدة وجمع فاستأذنتهم في التسليم عليه والتوديع له فأذنوا ، فدخلت عليه والقياد في رجليه والغل في يديه ، فبكيت
وقلت : وددت أني مكانك وأنت سالم .
فقال : يا زهري أو تظن هذا بما ترى علي وفي عنقي يكربني ؟ أما لو شئت ما كان فانه وإن بلغ بك ومن أمثالك ليذكرني عذاب الله ، ثم أخرج يديه من الغل ورجليه من القيد ثم قال : يا زهري لا جزت معهم علي ذا منزلتين من المدينة ، فما لبثنا إلا أربع ليال حتى قدم الموكلون به يطلبونه بالمدينة فما وجدوه فكنت فيمن سألهم عنه .
فقال لي بعضهم : أنا نراه متبوعا أنا لنازل ونحن حوله لا ننام نرصده إذ أصبحنا فما وجدنا بين محملة إلا حديده .
فقدمت بعد ذلك على عبد الملك فسألني عن علي بن الحسين فأخبرته
فقال : انه قد جاءني في يوم فقده الأعوان فدخل علي .
فقال : ما أنا وأنت ؟
فقلت : أقم عندي .
فقال : لا احب ، ثم خرج فو الله لقد امتلا ثوبي منه خيفة .
قال الزهري فقلت : ليس علي بن الحسين حيث تظن انه مشغول بنفسه .
فقال : حبذا شغل مثله فنعم ما شغل به (* )
ثالثا : مع هشام بن عبد الملك الأموي .
حج هشام بن عبد الملك فلم يقدر على الاستلام من الزحام فنصب له منبر وجلس عليه وأطاف به أهل الشام فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين وعليه أزار ورداء من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز فجعل يطوف فإذا بلغ موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه هيبة له فقال شامي : من هذا يا أمير المؤمنين ؟ فقال : لا أعرفه ، لئلا يرغب فيه أهل الشام ، فقال الفرزدق وكان حاضرا : لكني أنا اعرفه ، فقال الشامي : من هو يا أبا فراس ؟ فأنشأ قصيدة :
يا سائلي أين حل الجود والـــــــــكرم عندي بيان اذا طلابه قدمــــــــــوا
هذا الذي تعرف البطـــــــــحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والـــــــــحرمُ
هذا ابن خـــــــــــــــير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطـــــــــاهر العلمُ
هذا الذي أحمد المخــــــــــــتار والده صلى عـــــليه إلهي ما جرى الـقلمُ
لو يعلم الركن من قد جاء يلثـــــــــمه لخر يلثم منه ما وطـــــــــــى القدمُ
هذا علي رســــــــــــــــول الله والده أمست بــــنور هداه تهتـــدي الاممُ
هذا الذي عـــمه الطيــــار جعـــفر وا لمقتول حمزة ليث حبه قــــــــــسمُ
هذا ابن سيدة النسوان فاطــــــــــمة وابن الوصـي الذي في ســـيفه نقمُ
اذا رأتــــــــــه قريش قال قـــــــائلها إلى مكارم هذا ينتهـــــــــــي الكرمُ
يكاد يمســــــكه عرفان راحــــــــــته ركن الحطيم اذا ما جاء يســــــــتلمُ
وليس قولك من هذا بضائــــــــــــره العرب تعـــــرف من أنكرت والعجمُ
ينمــــــى إلى ذروة العز التي قصرت عن نيلها عرب الاســـــلام والعجمُ
يغضي حياء ويـــــــغضى من مهابته فــــــما يــــكلم إلاحــــين يبتــــسمُ
ينجاب نور الدجى عن نـــــور غرته كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلمُ
بكفه خيـــــــــزران ريحه عـــــــبق من كف أورع في عرنينه شــــــممُ
ما قــــــــال لا قط إلا في تشــــــــهده لو لا الــــــــــتشهد كانت لاؤه نعمُ
مشتقة من رســــــول الله نبـــــــعته طابت عناصره والخيم والـــــــشيمُ
حمــــــال أثقال أقوام اذا قدحــــــــوا حلو الـــــــشمائل تحلو عنده نــعمُ
إن قال قــــال بما يهوى جميــــــعهم وإن تكلم يوما زانه الـــــــــــــــكلمُ
هذا ابن فاطمة إن كــــنت جـــــــاهله بجده أنبــــياء الله قــــــــــد ختمواُ
الله فـــــضله قدمــــــا وشــــــــــرفه جرى بذاك لـــــه في لوحه الــــقلمُ
من جده دان فضل الانـــــــــــبياء له وفضل امته دانت لـــــــــــــه الاممُ
عم البرية بالاحسان وانقـــــــــشعت عنها العــــــــماية والاملاق والظلمُ
كلتا يديه غيــــــــاث عم نفعهـــــــما تستوكـــــــــــفان ولايعروهما عدمُ
سهل الخـــليقة لا تخشــــــى بوادره يزينه خصــــلتان الحلم والكــــــرمُ
لايخلف الوعد ميمـــــــــونا نقـــــبته رحـب الفناء اريب حـــــــــين يعترمُ
من معــــــــشر حـــبهم دين وبغضهم كفر وقربهم مــــــــــنجى ومعتصمُ
يستدفع السوء والبلوى بحـــــــــبهم ويستزاد به الاحـــسان والنعم مقدمُ
مقدم بــعد ذكـــــــر الله ذكرهـــــــــــم في كل فرض ومـــــــختوم به الكلمُ
إن عد اهل التقى كانوا أئمتـــــــــهم او قيل من خير اهل الارض قيل همُ
لايستــــطيع جواد بعد غايـــــــــــتهم ولايدانيهم قوم وإن كرموا هـــــــمُ
هم الغيـوث اذا مــــــا ازمة ازمــــــت والاسد اسد الشرى والباس محتـدمُ
يأبى لهم ان يـــــحل الذم ساحـــــتهم خيم كــــــــــريم وأيد بالندى هضمُ
لايقبض العسر بسطا من أكفــــــــهم سيان ذلك إن اثروا وإن عـــــدمواُ
ان القبائل ليست في رقابـــــــــــــهم لاولية هـــذا أولــــــــــــــه نـــــعمُ
من يعـــــــــــرف الله يعرف أولية ذا فالدين من بيت هذا نالــــــــه الاممُ
بيوتهم في قريـــــــــش يستضاء بها في النائبات وعند الحكم ان حكمواُ
فجده من قريــــــــــــــش في ازمتها محمد وعلي بعده عـــــــــــــــــــلمُ
بدر له شاهد والــــــــــشعب من احد والخندقان ويوم الـــــفتح قد علمواُ
وخيبر وحنين يشهــــــــــــــــدان له وفي قريضة يوم صــــــــــــيلم قتمُ
مواطن قد علت في كل نائـــــــــــــبة على الصحابة لم اكتم كما كتمـــــواُ
فغضب هشام ومنع جائزته وقال : ألا قلت فينا مثلها ، قال : هات جدا كجده وأبا كأبيه وأماً كأمه حتى أقول فيكم مثلها ، فحبسه بعسفان بين مكة والمدينة .فبلغ ذلك علي بن الحسين عليهما السلام فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال :اعذرنا يا أبا فراس فلو كان عندنا اكثر من هذا لوصلناك به . فردها وقال :يا ابن رسول الله ما قلت هذا الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله وما كنت لارزأ عليه شيئا ، فردها إليه وقال : بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك ، فقبلها ، فجعل الفرزدق يهجو هشاما وهو في الحبس ، فاخبر هشام بذلك فأطلقه (* )
رابعا : موقفه مع الحجاج .
روى الكليني بإسناده عن أبان بن تغلب قال: لما هدم الحجاج الكعبة فرق الناس ترابها فلما صاروا إلى بنائها فأرادوا أن يبنوها خرجت عليهم حية فمنعت الناس البناء حتى هربوا فأتوا الحجاج فأخبروه فخاف أن يكون قد منع بناء ها فصعد المنبر ثم نشد الناس وقال: أنشد الله عبدا عنده مما ابتلينا به علم لما أخبرنا به، قال: فقام إليه شيخ فقال: إن يكن عند أحد علم فعند رجل رأيته جاء إلى الكعبة فأخذ مقدارها ثم مضى فقال الحجاج: من هو؟ قال: علي بن الحسين عليهما السلام فقال: معدن ذلك فبعث إلى علي ابن الحسين صلوات الله عليهما فأتاه فأخبره ما كان من منع الله إياه البناء، فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: ياحجاج عمدت إلى بناء إبراهيم وإسماعيل فألقيته في الطريق و أنتهبته كأنك ترى أنه تراث لك اصعد المنبر وأنشد الناس أن لا يبقى أحد منهم أخذ منه شيئا إلا رده، قال: ففعل فأنشد الناس أن لا يبقى منهم أحد عنده شئ إلا رده قال: فردوه فلما رأى جمع التراب أتى علي بن الحسين صلوات الله عليهما فوضع الأساس وأمرهم أن يحفروا قال: فتغيبت عنهم الحية وحفروا حتى انتهوا إلى موضع القواعد، قال لهم علي بن الحسين عليهما السلام: تنحوا فتنحوا فدنا منها فغطاها بثوبه ثم بكى ثم غطاها بالتراب بيد نفسه ثم دعا الفعلة فقال: ضعوا بناء كم، فوضعوا البناء فلما ارتفعت حيطانها أمر بالتراب فقلب فألقى في جوفه فلذلك صار البيت مرتفعا يصعد إليه بالدرج(* ) .
شهادة الإمام زين العابدين عليه السلام ومدفنه:
وتوتر الوضع بعد موت عبد الملك بن مروان .. واستلام الوليد ابنه زمام الأمور حيث بقي الإمام السجاد ( عليه السلام ) مواصلاً لخطواته الإصلاحية بين صفوف الأمة الإسلامية ، آمراً بالمعروف ، ناهياً عن المنكر .
وقد كان الوليد من أحقد الناس على الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، لأنه كان يرى أنه لا يتم له الملك والسلطان مع وجود الإمام ( عليه السلام ).
الذي كان يتمتَّع بشعبية كبيرة ، حتى تحدث الناس بإعجاب وإكبار عن علمه ، وفقهه ، وعبادته .
وعجّت الأندية بالتحدُّث عن صبره وسائر ملكاته ( عليه السلام ) ، واحتلَّ مكاناً كبيراً في قلوب الناس وعواطفهم ، فكان السعيد من يحظى برؤيته ، ويتشرَّف بمقابلته ، والاستماع إلى حديثه .
وقد شقَّ على الأمويين عامة هذا الموقع المتميّز للإمام ( عليه السلام ) ، وأقضَّ مضاجعهم .
ورُوِي عن الوليد أنَّه قال : لا راحة لي وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا ، فأجمع رأيه على اغتيال الإمام ( عليه السلام ) ، والتخلص منه .
شهادته ( عليه السلام ) :
أرسل الوليد سمّاً قاتلاً من الشام إلى عامله على المدينة ، وأمَرَه أن يدسَّه للإمام ( عليه السلام ) ، ونفَّذ عامله ذلك .
فسَمَتْ روح الإمام ( عليه السلام ) العظيمة إلى خالقها ، بعد أن أضاءت آفاق هذه الدنيا بعلومها ، وعباداتها ، وجهادها ، وتجرُّدِها من الهوى .
وكان ذلك في الخامس والعشرين من محرم ٩٥ هـ ، وعلى رواية أخرى أنّه شهادته ( عليه السلام ) كانت في الثاني عشر من محرم ٩٥ هـ .
دفن الإمام ( عليه السلام ) :
تولَّى الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) بتجهيز جثمان أبيه ( عليه السلام ) ، وبعد تشييع حافل لم تشهد المدينة نظيراً له ، جِيء بجثمانه الطاهر إلى مقبرة البقيع في المدينة المنورة .
فحفروا قبراً بجوار قبر عَمِّه الزكي الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) . سيد شباب أهل الجنة .
وأنزل الإمام الباقر ( عليه السلام ) جثمان أبيه زين العابدين وسيد الساجدين ( عليه السلام ) فواراه في مَقَرِّه الأخير .
هدم قبور أئمّة البقيع
بقعة شريفة طاهرة في المدينة المنوّرة قرب المسجد النبوي الشريف ومرقد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، فيها مراقد الأئمّة الأربعة المعصومين من أهل بيت النبوّة والرسالة(عليهم السلام)، وهم: الإمام الحسن المجتبى، والإمام علي زين العابدين، والإمام محمّد الباقر، والإمام جعفر الصادق(عليهم السلام ) .
جريمة آل سعود
بعدما استولى آل سعود على مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وضواحيهما عام ١٣٤٤ﻫ، بدؤوا يفكّرون بوسيلة ودليل لهدم المراقد المقدّسة في البقيع، ومحو آثار أهل البيت(عليهم السلام) والصحابة .
وخوفاً من غضب المسلمين في الحجاز وفي عامّة البلاد الإسلامية، وتبريراً لعملهم الإجرامي المُضمر في بواطنهم الفاسدة، استفتوا علماء المدينة المنوّرة حول حُرمة البناء على القبور .
فكتبوا استفتاءً ذهب به قاضي قضاة الوهابيين سليمان بن بليهد مستفتياً علماء المدينة، فاجتمع مع العلماء أوّلاً وتباحث معهم، وتحت التهديد والترهيب وقّع العلماء على جواب نُوّه عنه في الاستفتاء بحُرمة البناء على القبور؛ تأييداً لرأي الجماعة التي كتبت الاستفتاء .
واستناداً لهذا الجواب اعتبرت الحكومة السعودية ذلك مبرّراً مشروعاً لهدم قبور الصحابة والتابعين، وهي في الحقيقة إهانة لهم ولآل الرسول(صلى الله عليه وآله)، فتسارعت قوى الشرك والوهابية إلى هدم قبور آل الرسول(صلى الله عليه وآله) في الثامن من شوّال من نفس السنة ـ أي عام ١٣٤٤ﻫ ـ فهدّموا قبور الأئمّة الأطهار والصحابة في البقيع، وسوّوها بالأرض وشوّهوا محاسنها، وتركوها عرضةً لوطئ الأقدام ودوس الهوام .
ونهبت كلّ ما كان في ذلك الحرم المقدّس، من فرش وهدايا وآثار قيّمة وغيرها، وحَوّلت ذلك المزار المقدّس إلى أرضٍ موحشة مقفرة .
وبعدما انتشر خبر تهديم القبور، استنكره المسلمون في جميع بقاع العالم على أنّه عمل إجرامي يسيء إلى أولياء الله ويحطّ من قدرهم، كما يحطّ من قدر آل الرسول (صلى الله عليه وعليهم) وأصحابه .
نشرت جريدة أُمّ القرى بعددها ٦٩ في ١٧ شوّال ١٣٤٤ﻫ نصّ الاستفتاء وجوابه، وكأنّ الجواب قد أُعدّ تأكيداً على تهديم القبور، وحدّدت تاريخ صدور الفتوى من علماء المدينة بتاريخ ٢٥ رمضان ١٣٤٤ﻫ، امتصاصاً لنقمة المسلمين، إلّا أنّ الرأي العام لم يهدأ، لا في داخل الحجاز ولا في العالم الإسلامي، وتوالت صدور التفنيدات للفتوى ومخالفتها للشريعة الإسلامية .
وليت شعري أين كان علماء المدينة المنوّرة عن منع البناء على القبور ووجوب هدمه قبل هذا التاريخ؟! ولماذا كانوا ساكتين عن البناء طيلة هذه القرون من صدر الإسلام وما قبل الإسلام وإلى يومنا هذا؟ !
ألم تكن قبور الشهداء والصحابة مبنيّ عليها؟ ألم تكن هذه الأماكن مزارات تاريخية موثّقة لأصحابها؟ مثل مكان: مولد النبي (صلى الله عليه وآله)، ومولد فاطمة(عليها السلام)، وقبر حوّاء أُمّ البشر والقبّة التي عليه، أين قبر حوّاء اليوم؟ ألم يكن وجوده تحفة نادرة يدلّ على موضع موت أوّل امرأة في البشرية؟ أين مسجد حمزة في المدينة ومزاره الذي كان؟ أين وأين ...
وبعد ما عرفنا أن النواصب من بني أمية وبني عبد معيطة هم السبب لتفريق صف الإسلام وتعاقدهم مع الخيبرين والروم ! بدأت النزعات لجعل الخلافة ملك لبني أمية وغيروا كل بل أكثر الأحاديث النبوية من زمن معاوية ابن أبي سفيان كاتب الوحي كما يزعمون بأن الوحي أوحى له الأحاديث النبوي وطعن بها الإمام علي وأولاد أبو طالب ومن ذاك اليوم ونحن نعيش في خناق وبدأت الأحزاب منهم السلفية والتكفيريين والإرهابيين الذين قاتلوا أصحاب رسول الله في زمن معاوية وقتلوا الإمام الحسين في عصر يزيد وإلى يومنا هذا يقتلون المسلمين بحجج وادعاءات لا منطق لها ولا مبرر ,وهنا يجب أن نتعظ ونتعاون ونتآخى ونرجع لإسلامنا العقائدي الأول ونبني الأوطان وندعم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحتضن الأيتام والأرامل والفقراء والمسننين والمعوقين وأبن السبيل ونحترم جارنا الذي أوصى به ربنا ورسول ونحث أولادنا للتعليم ونكون سباقين لزرع بذور العلم والثقافة التي هي مصدر تقدم الأمم والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين .
سيد صباح بهبهاني
الهوامش
* ــ مناقب آل أبى طالب / ج ٣ / ص ٣٢٢
* ــــ الإرشاد – للشيخ المفيد / ص ٣٦٩.
* مناقب آل أبي طالب / ج ٣ / ص ٣٦٥ .
* ـ مناقب آل أبي طالب / ج٣ / ص ٣٢٢ .
* ـ الاختصاص - للشيخ المفيد ، ومنتهى الآمال – للشيخ عباس القمي / ج ٢ / ص ٢٧ .
* ـ - منتهى الآمال / ج ٢ / ص ٣٢ .
* ـ الإرشاد – للشيخ المفيد / ص ٣٧٠.
* ـ مناقب آل أبى طالب / ج ٣ / ص ٣٦٠ .
* ـ الكافي الكليني - (ج ٤ / ص ٣١٢ )..