ومنذ أن شهر هاورن الرشيد سيفه وقال لولده المأمون :- "سأقطع الذي فيه عينيك لو نافستني على هذا الكرسي" ، ووصول أمير قطر الى الحكم بالطريقة التي وصل بها والده، مع فارق التوقيت والمعطيات والظروف معا، فالتاريخ يعيد نفسه وكل تلك القصص هي من واقع السياسة والرحيل الأبدي عن كرسي الحكم ومن امتلكه لابد أن يرحل ويخرج من أحد البابين ، ولا ثالث لهما .
ومصيبتنا أن تاريخنا العراقي مملوء بهذه الحوادث السلبية ، فرحيل الزعماء من الباب الأمامي نادر جدا، وقل أن تجد له مثال في التاريخ، وأن القتل نهاية أكثرهم، والكرامة كما يعتقدون البقاء أكبر مدة ممكنه حتى وأن كان آخرها الندم .
لماذا هذا الإصرار مادام المصير المحتوم معروف سلفا؟ ولماذا التوجه يكون للباب الخلفي، باب الحسرة والخسة والنذالة؟ فهل خدمة الوطن لا يكون الا في كرسي الحكم، ومادام كذلك فالتجارب السابقة كبيرة والفشل واسع وعريض وعلى كل المستويات، وليس ببعيد عن السن الأقرباء قبل الخصوم، والاستجداء أصبح لا يطاق، سواء كان داخليا عن طريق إطلاق يد المكرمات وتوزيع الهبات والعطايا وعلى طريقة وهب الأمير بما لا يملك، أو خارجيا عن طريق إقناع الجيران وأصحاب القرار العالمي ومن بيدهم عصمة الأمور.
فمهما طال أمد الحكم وأتسع عدد الولايات، فلابد من الوجهة وتحديد باب الخروج ولابد من الرحيل، وسعيد من أتغض بغيره .