ومن أجل استلهام الدروس والعبر من هذه الأحداث المؤلمة والصادمة , علينا قبل كل شئ أن نقف بجرأة وشجاعة ونشخص الواقع كما هو من أجل بلدنا وشعبنا وعدم تكرار هذه الأحداث مرة أخرى في اي مدينة أو محافظة أخرى , فجميع الشواهد على الأرض تثبت أنّ هذه المجاميع الإرهابية لم تدخل مدينتي الفلوجة والرمادي من الصحراء كما يحاول البعض أن يزوّر الحقائق ويقفز فوقها , بل أنّ هذه المجاميع خرجت من داخل الأحياء والمدن , والسيارات والأسلحة التي استخدمتها هي موجودة بالأصل في هذه الاحياء والمدن , وهي مجاميع لا تتعدى بضعة مئات وليس أكثر , ودليلنا على صحة هذه النظرية , هو أنّه لو كانت هذه المجاميع من خارج المدن والعشائر , فيفترض أنّهم جميعا أمّا قتلى في الشوارع أو أسرى بيد الجيش والأجهزة الأمنية , وليس من المنطق لأحد أن يقول أنّهم هربوا إلى الصحراء التي جاؤوا منها , فهذه المجاميع قد عادت إلى أوكارها التي انطلقت منها , ولم يخرج منهم جرذا واحدا إلى الصحراء , وإذا كان هنالك بضعة نفرات من غير العراقيين قد تم أسرهم فهؤلاء موجودون أصلا في الفلوجة والرمادي ولم يأتوا من خارجها .
كما أن هذه الأحداث المؤلمة قد سلّطت الضوء على الأجهزة الأمنية في الفلوجة والرمادي , فلا يعقل أنّ بضعة مئات يجوبون الشوارع بسياراتهم يسقطون المدينتين ويستولوا على مراكز الشرطة والمقرّات الأمنية ويحرقون ويدمرون الدوائر والمنشئات الحكومية وبدون أي مقاومة على الإطلاق , دون أن يكون هنالك تواطئ واتفاق مسبق مع هذه المجاميع الإرهابية وتسليم المدينتين إليهم , فربّ سائل يسأل ويقول اين هي عشرات الآلاف من أجهزة الأمن والشرطة المحلية ؟ وأين هي معداتهم وأسلحتهم ولماذا لم يقاوموا هذه المجاميع الإرهابية بها ؟ ولماذا سلّموا لهم أسلحتهم واختبأوا في بيوتهم ؟ وهل لهذا علاقة بالفتاوى التي أصدرها السعدي والرفاعي التي دعت إلى قتال الجيش العراقي وقوات الأمن ؟ اسئلة كثيرة بحاجة إلى أجوبة من أجل كشف الحقائق واستلهام الدروس والعبر .
أنّ ما جرى من أحداث مؤلمة في مدينتي الرمادي والفلوجة قد يتكرر في مناطق ومدن أخرى , ولهذا ينبغي أن نمنع تكرار مثل هذه الأحداث المؤلمة في أي مكان آخر , ويجب أن نقف وقفة حقيقية مع النفس , ونعيد بناء الأجهزة الأمنية من جديد على أسس واعتبارات مستخلصة من دروس هذه الأحداث , ولو كانت قوات الأمن المحلية التي استلمت زمام الأمن بعد خروج الجيش , من خارج هذه المدن لما حصل هذا الهروب والاستسلام المخزي , ولما حصلت هذه الخيانة للأمانة وشرف الدفاع عن الواجب والمقدّسات , ومحاولة إنكار وجود القاعدة وداعش بين أبناء المدن والعشائر هو دعم مباشر لهذه التنظيمات الإرهابية , فالقاعدة وداعش موجودة بيننا وفي بيوتنا وهي كالورم السرطاني يسري في أجسادنا , وعلينا استئصال هذه الورم الخبيث بشجاعة وإيمان بالله والوطن والشعب .