قد يستغرب القارئ, لماذا هذه المقدمة؟ وماذا اعني بها !
انها جزء بسيط من دعاء الندبة الذي ذكر به الله العلماء, الذين فضلهم الله على العالمين ومنحهم درجة القربى .
من هنا يبدأ محور حديثي ...
بعد العام ٢٠٠٣ وسقوط النظام, وانتشار الفوضى في كل مكان, أصبح الدور الريادي لقيادة العراق وحفظ السلم الأهلي للمرجعية, فهي التي كفلت حفظ النظام وتهدئة الأوضاع السياسية, وحتى الأزمات الاقتصادية, حتى يومنا هذا وما تزال كفيلة وراعية لعدة أسباب, منها السبب الرئيسي الذي يتمثل بضعف النظام السياسي, والتناحر المستمر بين جميع المكونات .
ومع ذلك؛ ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا تتعرض المرجعية للتسقيط والتشوية, ممن لا يريدون الاستقرار من اجل مصالحهم النفعية.
وآخر إساءة حدثت ممن يتاجرون باسم الدين من اجل الوصول لأهدافهم الدنيوية, ويرفعون شعار (الغاية تبرر الوسيلة), حيث حاول البعض أن يوهم المؤمنين أن المرجعية الدينية العليا تتحمل مسؤولية عدم اقرار قانوني الأحوال الشخصية, والقضاء الجعفريين.
لكن الحقيقة هي أن المرجعية أصرت على ان تدرج في الدستور مادة تنص على ان العراقيين أحرار في أحوالهم الشخصية, وفق أي لون من الوان الطيف العراقي, فليس لأحد المزايدة على المرجع الأعلى في اهتمامه في تحقيق هذا المطلب المهم .
إن كل متتبع منصف لمسيرة المرجع الديني الأعلى خلال السنوات العشر الماضية ، لا يمكن أن ينكر رعاية المرجعية لكل العراقيين، وابويتها لهم مهما كان دينهم ومذهبهم ومعتقدهم وقوميتهم، ويعلم تفردها بالأسلوب المناسب لتحقيق ما يتطلب تحقيقه موافقة مجلس النواب من القوانين والتشريعات متى وجد الأرضية الصالحة لذلك.
وفي كل نشاط المرجعية كانت تعمل بلا كلل و بلا ضجيج اعلامي, ومن دون المواجهة مع الآخرين، كما حصل ذلك في إقرار قانون العتبات المقدسة وقانون الوقف الشيعي ، وكاد أن ينجح في قوانين أخرى كقانون المحكمة الاتحادية لولا إعاقات طارئة أجلته الى حين.
وأمّا مع عدم وجود الأرضية الصالحة فلا يتصدّى للأمر لمجرّد الاثارة الإعلامية وإيهام الناس بأنه يسعى في تحقيق مطالبهم .
إنّ الشيء الذي يتعين أن يدركه كل من يخوض عباب بحر السياسة، أننا في العراق لنا وضع خاص لا يمكن إزتءه تمرير أي قانون في مجلس النواب، سيما تلك التي تتأثر بمضامينها المكونا المجتمعية لهذا السبب أو ذاك، وأن السبيل الأنجع هو التوافق بين ممثلي المكونات في مجلس النواب، وإلا فإن ضررا مؤكدا سيصيبها، إذا لم تراع إنشغالاتها,,
وهذا ما حصل مع مشروع قانون للأحوال الشخصية وفق المذهب الجعفري ، فقد كان ملغوما بالمادّة (٢٤٦) من مسودّة القانون تنصّ على أنّه ( تسري أحكام هذا القانون على العراقيين بناءً على طلب المدّعى أو وكيله). وهذا يعني ببساطة أنّ القانون المذكور سيطبّق على غير الشيعة من أهل السنة والمسيحيين وغيرهم متى وقع التنازع بين الشيعي وغيره وطلب صاحب الدعوى الشيعي تطبيق القانون الجعفري أي أن لهذا القانون مساسا بحقوق سائر المكونات من أبناء الشعب العراقي. ويشكل نوعا من التعسف بحقوقها وشرائعها.
ان المرجعية العليا نزعت لغما قد تم زرعه في الجسد العراقي، وجنبته إنفجارا تقف وراءه اجندة خبيثة،.
إن أصحاب هذه الأجندة الخائبة، يقفون اليوم في موقف الخاسر الخائب الذي يحاول أن يمسح آثار عار خبثه، لكن أنى له هذا وهو عار إلا من ورقة التوت.
لكنهم لم يرعووا ، فأستمروا في لعبة خاسرة سلكها غيرهم قبلهم، فهاجموا المرجعية فباءوا بفضيحة العري التام..