وابتسامة الريس قد تكون مصادفة وقد تكون لها مداليل ترتبط بإطلاق الموازنة وما تعنيه من استمرار الحياة وديمومتها ودوران عجلة المشاريع الاستثمارية والتشغيلية والتي تكاد تتوقف بسبب عدم اقرار الموازنة المالية حتى هذا الوقت المتأخر جدا والذي ليس له شبيه في اي دولة من دول العالم وهذا ليس غريبا على العراق الذي يعتبر استثناءا في كل القضايا السلبية اما القضايا الايجابية فالوقت لا زال مبكرا للحديث عنها ،كما ان الرغبة لم تتبلور بعد في السير على خطى الدول الناجحة التي تنتهي من وضع الموازنات وإقرارها قبل أشهر من السنة المالية الجديدة او إقرارها لسنوات وليس لسنة واحدة وهذا ما تعمل به الولايات المتحدة الأمريكية والتي لا يعادل العراق في حساباتها ولاية واحد تقريبا.
وتأخر الموازنة المالية لعام ٢٠١٤ حتى هذا الوقت تلوكها نقاشات مجلس الوزراء العقيمة وعدم إرسالها إلى مجلس النواب تمثل استهتار واستهانة بمستقبل البلد وتمثل تعطيل مباشر لدوران حركة الأعمار والحياة اليومية ويدخل في إطار انعدام الشعور بالمسؤولية وتخفي ورائها أكثر من علامة استفهام يصعب فهمها وإدراكها حتى وان كانت النوايا بريئة وليست شيطانية كما يعتقدها الكثير.
ان الموازنة المالية لعام ٢٠١٤ مثلها مثل اي قانون في العراق يراد تمريرها لا بد ان تخضع لأهواء ورغبات وصفقات الشركاء والأعداء وإذا لم تنجح الصفقات في تمرير القوانين فاعلم ان هناك ابتزاز ونوايا غير شريفة يراد منها تمريرها مع الموازنة ويقينا فان النوايا الغير شريفة والصفقات الكبيرة تمرر دائما مع المشاريع والقوانين المهمة التي لها تماس مباشر بحياة المواطن وهمومه،لكن الاسوء من هذا هو انه مع هذا الابتزاز ومع التعطيل ينخفض منسوب الروح الوطنية عند المعرقلين لإقرار القوانين.
ان مشكلة الموازنة المالية أصبحت مشكلة مستعصية تتكرر كل عام في حكومة لا تعرف واجباتها وبرلمان لا يقدر قيمته وهذا التكرار يمثل غباءا مركبا وجهلا ونقصا لا يمكن تجاهله او تجاوزه ويحتاج الى تداخل جراحي كبير قد يصل الى حد الاستئصال لان الأمر الطبيعي يفرض ضلاله على ان لا يتكرر الخطا او الفشل والا فان هناك خللا يجب ان يعالج ولكن للأسف مع الخلل يغيب العلاج ويستمر الفشل ويستمر التفاخر به .
ان في ابتسامة الريس عزاء ليس للفقراء بل للحكومة والبرلمان المعنيان بتعميق الفشل واستمراره اما الفقراء فلا عزاء لهم لانهم يتحملون مسؤولية استمرار ابتسامة الريس واستمرار الحديث عن النوايا الطيبة وعن وجود فرصة حقيقية لإقرار الموازنة.