هل المقصود الحكومة ام الشعب وفي كلتا الحالتين قال الصديق لا أعتقد أن من حق المطلبي ان يكون ناطق باسميهما.. ثم اضاف الصديق: منذ اشهر وأنا أعيش مناخاً يعلو الطائفية والقبلية.. والبعض يريد مني أن أصبح بوقا طائفياً.. قلت للصديق ان الطائفي لا يخوض حرباً من أجل أبناء طائفته، لكنه يخوض حرباً بالناس لصالح موقعه في السلطة".
لقد امتلأت صفحات الفيسبوك بشجب الجريمة التي ارتكبت بحق الجنود الأربعة.. وهذا الشجب والتضامن مع عوائلهم أمر جيد ومهم، لأننا جميعا ضد انتهاك حرمة الإنسان.. إلا أن الغريب ان السيد سعد المطلبي ومعه عشرات النواب أصيبوا بـ"البكم والصم" إزاء الاحداث المروعة التي يتعرض لها المدنيون العزل في الانبار، سواء من عصابات القاعدة او من جراء القصف العشوائي الذي راح ضحيته أبرياء كثر.
أليس من حق اهالي الانبار ان يخصص لهم المطلبي وعالية نصيف والصيهود جزءاً من وقتهم لمعرفة، ماذا يحصل لهم؟، أليس من حق "الضحايا" ايا كانت هويتهم الطائفية، أن تلتفت الحكومة لمناقشة الأساليب التي ادت الى تهجيرهم وقتلهم.
ولاننا نعيش هذه الايام أجواء حرب الانتخابات البرلمانية.. ونستمتع بخطب المالكي عن "المواطنة" وننظر "بإعجاب " لقفزات صالح المطلك بين ضفتي الحكومة والمعارضة، وغارقين حتى أذنينا في مهرجان الخطابة الطائفي، وتخطفنا الصحف والفضائيات لنتابع اخبار السياسيين المزيفين، لم تتوقف ضمائرنا لحظة واحدة عند مأساة النازحين من اهالي الانبار ولم يصدر احد منا ولو بيانا صغيرا عن الضحايا من المدنيين، ولم يهتم الجالسون على كرسي القيادة العامة للقوات المسلحة بإصدار بيان أو مجرد تصريح يوضح للناس ماذا جرى، والأخطر من ذلك ان نوابنا الاعزاء لم يغضبوا، والاصعب من ذلك ان المجتمع بأكمله أصيب بحالة من الصمم المزمن ازاء هذه الفواجع، لان الجميع مشغولون "بمنازلة القوة والعزم" التي يخوضها المالكي، والبعض منا ينتظر اللحظة التي يقرر فيها " جيش الشيخ علي حاتم سليمان " ان يقتحم أسوار بغداد.. للاسف نحن شعب اصيب ضميره بداء اللامبالاة، وتجردت أحاسيسنا من فضيلة الشعور بالاسى والالم تجاه معاناة الاخرين، فارتضينا ان نمارس دور المتفرج.
كل يتحدث عن مصلحة كتلته الحزبية وعن استحقاقها، تختلط الشائعات بالتكهنات والتمنيات، وفي هذا الزحام المرعب لا أحد يتحدث عن مصلحة العراق، وينشغل الجميع بكمّ مخيف من الأجندات المتصارعة، وكأننا في حلبة مصارعة، تطالع أقوال السياسيين فتجد الشيء ونقيضه، وفي وسط هذه الصورة العبثية المرتبكة تجد الأحزاب نفسها في حالة معارضة في ما بينها، أحزاب ضد أحزاب، وسياسيون ضد سياسيين.. نُهبت أموال الشعب.. تفشت المحسوبية والرشوة.. الغش أصبح طريقاً للثروة، والتزوير باباً للمناصب الرفيعة، سنوات مرت ولم نسمع أن مسؤولاً قال بصوت عالٍ "سامحوني فقد أخطأت".
اليوم والمواطن العراقي يعيش وسط أكوام الضياع وصحراء القهر والغبن وتحت سماء تتسع باطراد من بطالة وخوف وموت مجاني، ليس أمام الغالبية من سيئي الحظ، سوى الوقوع في ثقب الطائفة، بما يحمله من بلسم كاذب ووهم خادع لجنّة موعودة كبديل عن إفلاس مشاريع الجنة الأرضية، جنة العدالة الاجتماعية والتنمية والتقدم التي وعد بها سياسيون سعوا للاستيلاء على أي شيء وكل شيء.
ما معنى أن يدفعنا دعاة الطائفية، في كل يوم نحو وطن لا يحده سوى اليأس والخراب،؟
ما معنى أن يصرّ ساستنا ومسؤولونا على التمييز بين سكان هذا الوطن على أساس طوائفهم ومعتقداتهم؟.. ما معنى ان يقول سياسي اننا لن ندفع الجزية لاهالي الانبار؟، وكان سكان هذه المحافظة ليسوا بعراقيين.
الكراهية لها دولتها الآن بما فيها من سلطة قرار، وأجهزة تنفيذ، وماكينات تتزاحم فيها خطابات الطائفية والقبلية لتبدو معها خطابات المواطنة مجرد شعارات مضحكة.