ان المفاهيم التي قبلها الجميع في ٢٠٠٦.. والتي اسست شرعية الوضع الراهن، كانت تقضي ان يكون مجلس النواب محور النظام.. وان تتحمل السلطة التنفيذية مهام تنفيذ السياسات التي يقرها البرلمان.. بمبادرة منه او باقتراح السلطة التنفيذية.. وان تبعد القوات المسلحة عن التدخل في الشؤون السياسية.. وان توضع السلطة التنفيذية، بما في ذلك رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والقائد العام تحت رقابة ومساءلة مجلس النواب.. وان يكون القضاء مستقلاً.. وكذلك البنك المركزي والهيئات المستقلة الخاضعة اساساً لقانونها ولرقابة مجلس النواب او مجلس الوزراء.. وان تكون للحكومات المحلية كامل صلاحياتها الادارية والمالية، بل التشريعية بما لا يتعارض مع الصلاحيات الاتحادية.. وان تخضع تعينات الدرجات الخاصة ومنها الاستخبارات وقادة الفرق ووكلاء الوزارات لموافقة مجلس النواب بترشيح مجلس الوزراء. وهذه كلها تعارض الخروقات الحالية.. وتختلف عن الاسلوب والسياقات التي نعمل بها اليوم.. والتي تعكس غياب مركز قرار حقيقي، يقربنا من المؤسساتية بتوازناتها ومسؤولياتها.. ويبعدنا عن الشخصنة ونتائجها.
ومقابل التأسيسات الدستورية.. شهد ٢٠٠٦ تأسيس "المجلس السياسي للامن الوطني".. كهيئة غير رسمية ضمت الرئاسات الثلاث ونوابهم.. ورئيس مجلس القضاء.. ورئيس اقليم كردستان.. ورؤساء الكتل البرلمانية.. فيجتمعون شهرياً، وعند الحاجة.. فساهم فعلاً في حل الكثير من العقد والازمات.. أهمها "خطة فرض القانون" و"الاتفاقية الاستراتيجية لانسحاب القوات".. وعبر "المجلس" الحاجز الفئوي الى مواقف وطنية.. فحمى المكونات دون استثناء.. وشكل جبهة معادية للارهاب والميليشيات.. وساعد السلطات وقدم لها الدعم والتعبئة اللازمة، وقد لعب الرئيس طالباني دوراً بارزاً فيه، فاستحق لقب "صمام الامان" الذي اطلقته المرجعية عليه. هذا "المجلس" تعطل بدوره.. وفشلت المبادرات لتاسيسات مماثلة.. مما افقد البلاد مطبخاً قيادياً مهماً.. يحضره جميع ممثلي السلطات والكيانات.
هناك اليوم فراغ قيادي ومؤسساتي واضح.. ونواجه مخاطر كبرى، وهذه قضايا وطنية مصيرة لا تتحمل المجاملات والتحزبات والمجادلات العقيمة.