بنيت الوزارة على قاعدة ثلاث ثمانيات، ٨ وزارات لكل من ١٤ اذار الحريري و٨ اذار المتحالف مع حزب الله ولما يسمي بالتيار الوسطي المحسوب على رئيس الجهورية والجنبلاطيين، وهم ليسوا وسطيين بل احتياطي لتيار الحريري، وبالنتيجة يكون لأعداء وخصوم حزب الله ١٦ وزيراً مقابل ٨ وزراء له ولحلفاءه.
يبدو حزب الله الأضعف في مضمار السياسة على الرغم من كونه من الأقوياء الفاعلين في لبنان والمنطقة بأسرها إن لم يكن الأقوى بالفعل والتأثير والنتائج لا بالعدد والسلاح.
ليست المرة الأولى التي يكون لحزب الله حصة في سياسة لبنان أقل بكثير من استحقاقه الطائفي والعددي والوطني، وفي فترة الهيمنة السورية على لبنان كان نائب الرئيس السوري حينئذ عبد الحليم خدام وضباط المخابرات السورية يفرضون على الحزب وبرضا وموافقة الأسد الأب التنازلات عقب التنازلات إرضاءً للسعوديين وأتباعهم من مرتزقة الحريري وعملاء الصهاينة وسفاحي الحرب الأهلية، وحتى بعد خروج السوريين اتفق السوريون مع السعوديين على تطبيق ما يعرف بمعادلة السين- سين والتي بموجبها تتألف الوزارات وينتخب رئيس الجمهورية في لبنان على أساس توافق بين الحكومتين، وهكذا وعلى مدى ربع قرن من الزمن أو بالتحديد منذ اتفاق الطائف سيء الصيت اضطر حزب الله مرغماً على قبول التسويات السياسية بين السوريين والسعوديين وأن يكون مجرد ورقة ضغط ومساومة بيد السوريين مقابل حصوله على الاعتراف السياسي كمقاومة مشروعة.
ومنذ عام تقريباً والحزب يدافع عن العمق السوري لجناحه الشرقي في البقاع والهرمل، وهو بالتالي يدافع عن النظام السوري، على الرغم من عدم رضاه عن سياسات النظام الداخلية، وكان من أول المطالبين للنظام بإصلاح نفسه، والحزب الذي لفقت له تهمة قتل الحريري الأب لا يواجه الصهاينة فقط بل كل حلفاء أمريكا والطائفيين التكفيريين، وهو بعد فوز الإصلاحيين في إيران أشد اعتماداً على النظام السوري، ولو سقط هذا النظام فسيكون حصوله على السلاح متعسراً إن لم يكن مستحيلاً، واليوم كل اهتمام الحزب منصب على مساعدة حليفه السوري في تحقيق نصر ميداني يسمح له بالبقاء على رأس السلطة أو على الأقل طرفاً أساسياً ومؤثراً في النظام البديل.
لو كان حزب الله من المتاجرين بالتضحيات والدماء من أجل الفوز بالسلطة لكان استولى على الحكم في لبنان منذ عقد من السنين، ولأن أولوية حزب الله هي حماية المقاومة من أعدائها الخارجيين والداخليين الكثر تراه لا يعير أهمية كبرى للوزارات التي تخصص له ولكن من دون التفريط بحقوق حلفائه المشروعة، ولا يكترث إن كانت وزارة سيادية من نصيبه أو ذهبت لأمل أو التيار الحر.
حزب الله نشاز على ما حوله، على وسطه العربي ذي التاريخ الحافل بالهزائم والتخاذل والعمالة للغرب، وقد تبين أن الربيع الذي انخدع به العرب من صنع غربي وبواجهة قطرية، وعلى عمقه الإسلامي الذي تأكد أن صحوته المزعومة لم توقظ سوى فتنة التكفير والطائفية البغيضة وهوس السفاحين السلفيين، وهو نشاز أيضاً على لبنان المسير بالاقطاع السياسي والاتجار بالذمم والولاءات والفساد.
لأن اصلاح شسع نعل في نظر حزب الله أهم من سلطة بدون مباديء وقيم لذلك يخسر حزب الله في حسابات السياسة البراغماتية، لكنه يبقى الرابح الوحيد بين أمة العرب والمسلمين في حفاظه على جذوة المقاومة والبقية القليلة الباقية من كرامتها وعزتها.
١٦ شباط ٢٠١٤م