توطئة:
الحديث عن مجريات العملية الانتخابية لواقع المشهد العراقي وعلى الرغم من وجود ٤١ ائتلافا في جدول القوى والكيانات السياسية المصادق عليها من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات, يؤشر الى ان مراكز القوى في الإحجام والأرقام لايتعدى أكثر من خمسة أقطاب رئيسية مؤثرة في حراك الأصوات والاستحواذ عليها، ولعل ائتلاف دولة القانون هو احد تلك الأقطاب الرئيسية في القاعدة الانتخابية لما يمتلك من قاعدة جماهيرية وسلطوية ممتدة لأكثر من ثمان سنوات,وهنا تقع الإشكالية المعقدة في انسيابية وجريان المجرى الانتخابي في الخارطة العراقية, مابين ائتلاف القانون وقوى البيت الشيعي السياسي من جهة , ومابين بقية المكونات من القوى السنية السياسية من جهة أخرى, مما يجعل اتجاه الانتخابات في العراق يبتعد عن إلية المنافسة في بعض المواضع ويدخل في اتون الصراع والتسقيط السياسي, فيما تبقى المتغيرات والظرفية السياسية التي تحيط بالمشروع السياسي العراقي طرفا لايمكن غض النظر عنه لما قد يحمل في انجرار احداثه من مستجدات واعادة ترتيب مواقع القوى في الخارطة السياسية العراقية عموما , وفي موازين الحظوظ الانتخابية بشكل عام, وهنا تكمن الانطلاقة الى ائتلاف دولة القانون بعد دورتين برلمانيتين للأعوام ٢٠٠٦ و ٢٠١٠, والسؤال الذي نقف عنده في مدخل التحليل السياسي .. ما هو المتغير والطارئ والثابت في معطيات المشهد الاني العراقي وماهية العلاقة والتأثير لتلك المدخلات في حراك ائتلاف القانون؟؟, فربما الواقع العراقي بما يكتظ به من تحديات داخلية او خارجية يضع بصماته في مخرجات الصندوق الانتخابي بدورته التشريعية القادمة.
الحضور السياسي لائتلاف دولة القانون ربما تكون احدى اعرابته الرقمية على ارض الواقع ما سجل من نتائج في انتخابات مجالس المحافظات, ومن هنا ننطلق الى دائرة التحليل كنقطة مرور من ذلك المقطع الزمني ومع ما ترافق بعد ذلك من متغيرات وافرازات جديدة طرأت في المشهد العراقي قد تسهم في اعادة ترتيب الاوراق وفق المعطيات المؤثرة في صناعة وتشكيل قراءة اخرى في فرص الوصول الى الولاية الثالثة, وهنا لابد من الوقوف عند بعض نقاط الاستفهام بغية الاحاطة بابعاد وحركة ائتلاف القانون في المسير نحو الانتخابات.
• ائتلاف دولة القانون.. الاختلاف مابين الأمس واليوم.
• من هو القادر على مزاحمة ائتلاف دولة القانون انتخابيا؟.
• هل يستطيع دولة القانون ان ينهي انتخابات ٢٠١٤ بولاية ثالثة.
• كيف ستؤثر الإحداث الآنية على القاعدة الانتخابية في متغيرات الأرقام لدولة القانون.
الأثر الانتخابي لائتلاف دولة القانون في المشهد العراقي
لا يمكن تناول ائتلاف دولة القانون كمسمى وعنوان دون إرجاعه إلى جذوره الأصلية التي انطلق منها, لكي نستطيع الإحاطة بطبيعة المضامين وأثرها في المعترك السياسي ودورها فوق ارض الواقع, فائتلاف دولة القانون هو نتاج لمرحلة أنية جراء المتغير السياسي العراقي واختلاف موازين القوى السياسية العراقية عام ٢٠٠٩, وحقيقة ان البدايات التي مهدت لإخراج ائتلاف القانون بدأت ما بعد ٢٠٠٣ والدخول في العملية السياسية , فالمكون الرئيسي لائتلاف دولة القانون هو حزب الدعوة الإسلامية, والتي كانت بدايته السياسية كحظوظ انتخابية أقل بكثير مما وصل إليه اليوم, فقد أحرز حزب الدعوة الإسلامية في الانتخابات التشريعية عام ٢٠٠٥, ثلاثين مقعدا من واقع ١٢٨ مقعدا حصل عليها الائتلاف العراقي الموحد، والذي انبثق منه انتخابيا وتحت عنوانه العام, إلا ان المنعطف في حراك وتحرك حزب الدعوة الإسلامية كرقم وثقل انتخابي بدأ مع وصول نوري المالكي إلى السلطة عام ٢٠٠٦ بعد ان اتفقت اغلب المكونات الرئيسية للائتلاف الموحد على ترشيحه وتمرير أول نسخة رئاسية برئاسة المالكي خلفا لابراهيم الجعفري, ومع طبيعة التحديات الطافية فوق سطح العراق حينذاك, وانتقالا من المشهد الطائفي والاقتتال في الفترة الممتدة مابين ٢٠٠٦ وعقب أحداث سامراء ومن ثم المعارك الناشبة بين التيار الصدري والحكومة العراقية وما اطلق لأجلها من حملة حكومية تحت مسمى صولة الفرسان, توسعت القاعدة الجماهيرية لحزب الدعوة الإسلامية, وهنا بدأ الانقسام يظهر جليا بين المكونات الرئيسية للائتلاف العراقي الموحد, والمتمثل بحزب الدعوة والمجلس الأعلى والتيار الصدري, حول خروج حكومة المالكي عن البنود والاتفاقات التي وضعت لتمرير المالكي إلى منصة السلطة, غير ان الحسابات على الأرض قد تغيرت وبات حزب الدعوة ملتصقا أكثر بالسلطة وأعمق قاعدة بالأرض, مما قد وفر الاسباب الرئيسية في ظهور وتشكيل ائتلاف دولة القانون لاستثمار القاعدة الجماهيرية له عبر ذلك العنوان , بغية الدخول إلى انتخابات مجالس المحافظات ٢٠٠٩, مع بعض القوى الأخرى التي تتناغم معه, وهو ما تكشفت نتائجه الانتخابية بــ١٢٦ مقعدا, فيما أسهمت الانتخابات النيابية لعام ٢٠١٠, بحصول دولة القانون على ٨٩ مقعدا, غير ان تلك الحصيلة لم تمكن دولة القانون من الوصول الى الولاية الثانية إلا بعد انعقاد وتشكل الائتلاف الوطني, الذي ضم التحالف الوطني صاحب الـ ٧٠ مقعدا من تلك الانتخابات وائتلاف دولة القانون , مما أعطاه التفويض بولاية رئاسية ثانية, ومع تقادم الزمن اتسع الخلاف والانشقاق في الائتلاف الوطني وصولا الى انتخابات مجالس المحافظات ٢٠١٣, والتي فيها أضحى القانون مثقلا بمزيد من الكيانات التي انطوت تحت لواءه, وخصوصا بعد انضمام كتلة بدر وتيار الإصلاح الوطني وحزب الفضيلة والتي تعد من القوى ذات التاثير الذي يثقل الميزان الانتخابي, ليخرج من تلك الانتخابات بـ ( ١١٨ ) مقعدا, كان نصيب الدعوة منها( ٣٢ ) مقعدا, فقرأت على انها خسارة وتراجع اذا ما تم مقارنتها بنتائجه في التجارب الانتخابية السابقة, مما فتحت الباب لقراءات جديدة تؤشر لاختلاف موازين القوى في الساحة العراقية بعد ان كشفت الأرقام عن صعود المنافسين التقليدين لائتلاف دولة القانون المتمثلين بالمجلس الأعلى الاسلامي العراقي والتيار الصدري, وفي واقع الأمر ان احد إفرازات تلك النتائج تمثل بصعوبة الوصول الى كتلة تكون صاحبة الغلبة الساحقة وهي ماتجعل حراك التكتلات في اغطية الائتلافات ما بعد نتائج انتخابات المزمع اجراؤها في نيسان ٢٠١٤, تدور في افق الشرط والمشروط لما يحقق لجميع المتشاطرين رغباتهم بما ينسجم مع اوزانهم الانتخابية.
ما خرجت به انتخابات مجالس المحافظات العام الماضي من نتائج وضع ائتلاف دولة القانون في منحنى القلق والتخوف الداخلي لحزب الدعوة الإسلامية باعتبار ان تلك الأرقام قراءة استباقية للأرصدة الانتخابية في الانتخابات البرلمانية المقبلة , وفي الوقت ذاته أعطت جرعات تفاؤلية لبقية المكونات المتنافسة مع الائتلاف ضمن البيت السياسي الشيعي وفي مقدمتها المجلس الاعلى والتيار الصدري, وهنا لابد من الالتفات الى ماهية التشكيلة التي خاض بها ائتلاف دولة القانون انتخابات ٢٠١٠, وطبيعة الكيانات المنضوية تحته في الانتخابات القادمة, فاذا ما عدنا الى الوراء قليلا سنجد ان ابرز الكيانات التي تشكل منها دولة القانون بنسخته التشريعية السابقة تتكون من(حزب الدعوة الإسلامية – المركز العام, مستقلون, حزب الدعوة الإسلامية- تنظيم العراق, التضامن في العراق , الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق, حركة الإخاء الكردي الفيلي العراقي , كتلة الانتفاضة العراقية الشعبانية ١٩٩١), فيما نلاحظ ان النسخة الحالية لائتلاف دولة القانون في انتخابات ٢٠١٤ قد ابتعدت قليلا من حيث التوليفة والتهجين السياسي, حيث يمكن ملاحظة ذلك اذا ما استعرضنا ابرز القوى والكيانات السياسية المنضوية تحت عباءة القانون (حزب الدعوة الإسلامية بشقيه المركز العام وتنظيم العراق, وكتلة المستقلون ومنظمة بدر والتيار الرسالي العراقي الجديد, حزب الوحدة, المؤتمر الوطني العام للكرد الفيليين,حركة الرسالة الإسلامية), فضلا عن قوائم الظل التي تتوزع في عدة مسميات وعناوين مختلفة.
خارطة الاحداث واتجاهات دولة القانون
من دون شك ان ائتلاف دولة القانون في معطيات الحاضر يبتعد عن واقع الأمس القريب من حيث الظرف والبيئة والحدث, فنستطيع القول ان الناتج الإجمالي في المسيرة السياسية لائتلاف دولة القانون كقراءة مستقبلية لواقع المشهد الانتخابي القادم تنطلق مما تحقق في نتائج مجالس المحافظات ٢٠١٣, على اعتبار ان تلك النتائج مجسات للتأشير على شكل القادم الانتخابي , وكما أوضحنا سابقا إن الأرقام التي ظهرت على السطح بينت ان هنالك انحسارا وتعثرا في حظوظ حزب الدعوة صاحب الامتياز في ائتلاف دولة القانون, غير إنه لايمكن الجزم والاستسلام لتلك الرؤية القائمة على انخفاض مناسيب القانون انتخابيا, لكنها إحد المعطيات المتوفرة في المشهد الآني, فيما تبقى المتغيرات الأخرى على الساحة العراقية, أوراق حسابية مهمة في قلب وتغيير المعادلة في حسابات ائتلاف دولة القانون, فقضية المواجهة الحكومية مع قوى الإرهاب المتمثلة بداعش في محافظة الانبار ماتزال تحمل في طياتها بعض المؤثرات في مشهد القاعدة الجماهيرية لائتلاف دولة القانون, فيما يبقى قرار اعتزال العمل السياسي لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مؤخرا, المنعطف الأهم في الواقع الانتخابي بشكل خاص, وفي المشهد السياسي بشكل عام, وهنا لابد من إخضاع تلك المتغيرات الى إسقاطات تحليلية في مجهر الرصد والتفكيك البياني من حيث الكيفية التي سيكون عليها ائتلاف دولة القانون في العتبة الانتخابية للانتخابات التشريعية القادمة.
١. ان معطيات المرحلة التي تحيط بائتلاف دولة القانون تتأتى من موقعه في السلطة ولفترة تجاوزت الثمان سنوات ’ مما يوفر لهم الإمكانات المادية والمعنوية في زيادة المساحة الجماهيرية والزخم الانتخابي.
٢. ائتلاف دولة القانون بطابعه العام قائم على أواصر انتخابية وليس أيديولوجية , وبالتالي فأن الكيانات والقوى التي تدور في رحم القانون حتما تبحث عن الغالب الأقوى، فإذا ما تغيرت موازين الأرقام حتما ستسحب معها حراك وتوجهات القوى السياسية.
٣. طبيعة الإفرازات على ارض الواقع أشرت كقراءات ميدانية الى ان حظوظ دولة القانون لم تكن في أحسن أحوالها خلال العامين الماضيين, وتطابقا مع النتائج الأخيرة له في مجالس المحافظات, لذا فأن دولة القانون قد قرأ الرسالة جيدا وبات يبحث عن عودة تتناسب مع الحصول على تأشيرة ثالثة , ومع سخونة الأحدث وتداعيات المرحلة المتعلقة بالمعارك الدائرة بين الحكومة العراقية وقوى الارهاب في الانبار تحديدا, نجد ان رجالات دولة القانون وعبر منبر السلطة يحاولون ترميم وإصلاح ما تأكل جماهيريا من خلال استثمار المواجهة العسكرية في ملاحقة الارهاب في الرمادي بصبغة انتخابية, ولذا نستطيع القول ان الفلسفة الحكومية لا تخلو من اعتماد شغل الفضاء الإعلامي واعطاءه عناوين فرعية تتناغم مع عواطف ومشاعر فئات معينة من المجتمع العراقي بصدى المواجهات بغية مغادرة الوقت ببطئ لاجل تحقيق اكبر قدر من الاصوات التي تضاف الى رصيد دولة القانون, مع الالتفات الى ان القراءة المتوقعة لما ستتركه مواجهات الانبار على مزاجيات الاستقطاب الجماهيري باتجاه دولة القانون سيكون بافضل الاحوال طفيفا.
٤. اعتزال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر العمل السياسي وسحب التفويض من كتلة الاحرار النيابية وعلى الرغم من ان استقالته وبحسب البيان الذي توجه به مؤخرا تشير الى انها انسحاب من المنصة العلنية السياسية الى ادارة اللعبة من خلف الكواليس, غير انها وفرت مساحات اكبر لامتداد ائتلاف دولة القانون على جدول الارقام, فكما اوضحنا ان القانون يحاط بمنافسين مهمين له على مستوى القاعدة الشيعية السياسية وهما المجلس الاعلى والتيار الصدري, وانسحاب الصدر ومايترك من تأثير على حجم كتلة الاحرار النيابية في الانتخابات القادمة، قد يسهم في دخول القانون الى تفاصيل الدورة الرئاسية الثالثة من موقع المفوض الاقدر والاكبر.
٥. الحديث عن ولاية ثالثة لائتلاف دولة القانون, كلام مبكر في تركيبة سياسية معقدة المشهد, تدور اجوبتها ما بين لغة الارقام وطبيعة التوافقات السياسية القائمة, ومستوى التأثير الخارجي القادم من البعدين الإقليمي والدولي, غير ان أبطال المشهد الانتخابي وعناوين التنافس ربما تتشابه مع ما أفرزته الانتخابات التشريعية السابقة لكن مع اختلاف الحجوم.