ولاشك ان الخوف عنصر اساسي للوقاية او للردع، ولولاه لفسد كل شيء. الخوف الاعلى هو من الله سبحانه وتعالى.. لذلك يقال "راس الحكمة مخافة الله".. وهو ايضاً الخوف من العواقب والعقوبة والقانون والاذى والمرض والمستقبل.. وعلى الجاه والسمعة والاهل والمال.. الخ. فالخوف شعور ايجابي يلد معنا ويضبط سلوكنا وسلوك الاخرين. لكن المشكلة ان كثيرين يستخدمونه كاداة وحيدة لفرض سلطانهم او نفوذهم وسريان كلمتهم.. ولاشك انهم يجدون نتائج سريعة وعاجلة لسلوكهم هذا.. فالكل سيبدأ بالخضوع والطاعة.. مما يوفر اجواء افضل بكثير للسيطرة والقيادة.. فيشجع هذا الاحساس المضي اكثر فاكثر في طريق الصرامة واخافة الاخرين.. وتهديدهم ليصبح الخوف هو القانون الوحيد الحاكم.. عندها سترتد الامور ويتحول الخوف الى عامل سلبي، مخيف ومدمر، وذلك عندما يصبح على حساب الصدق والحقيقة. فعندما يتعبد الناس ليس ايماناً وخوفاً من الله بل خوفاً من ان تقطع رؤوسهم.. وعندما يخشى الابناء اباءهم ليس احتراماً وادباً وعرفاناً بجميل بل رعباً نما وتمكن منهم منذ ايام الصغر والجلد والقسوة.. وعندما يهتف المتحزبون لقائدهم تملقاً وخوفاً من ابعادهم وخسارتهم مناصبهم.. وعندما يهتف الشعب للحاكم ليس بعد انتصار في حرب عادلة، او انجاز حقيقي يغير واقعهم ومستقبلهم للافضل، بل مداهنة وخوفاً من بطش وغضب.. عندها سيعم الفساد الاخر.. الذي لا يقل ضرراً عن الفساد الاول.. عندها يصبح الصدق في نظر كثيرين عقوبة وليس فضيلة.. فيتخلون عنه.. ففيه هلاك واذى.. وينتشر الكذب والمبالغات وفقدان الحقيقة.. التي ان فقدت يضيع الخيط الفاصل بين الحق والباطل.. ونفقد قدرة اتخاذ القرارات الصحيحة وتبني السياسات الصالحة. فالخوف طبيعي ان لم يتحول الى سوط يجلد الحق والحقيقة والصدق والاخلاص في العمل.. التي ان فقدها نظام العلاقات العامة او نظام الاسرة او نظام الاحزاب والتنظيمات او انظمة الدولة فانها ستنقلب بالضد تماماً من وسيلة وقاية وردع الى وسيلة تخريب ودمار