فالموازنة الحالية تعاني من عجز حقيقي وليس حسابي، كما في الاعوام الماضية. هذه ليست دعاية انتخابية كما سيقول البعض.. الذين ان صموا اذانهم عنها لسبب او اخر اليوم، فسيسمعونها تطرق ابواب بيوتهم شاؤوا ام ابوا غداً. ولن يجدوا من الاموال ما يكفي للاستمرار بالفوضى الحالية. فلقد تراجعت ارصدة الخزينة(DFI) من (١٨.٥ مليار دولار) نهاية ٢٠١٢ الى (٦.٥ م/د) نهاية (٢٠١٣).. وتراجعت الصادرات النفطية.. فبلغت في كانون الاول الماضي (٢.٣٤١ م/ب/ي) و (٢.٢٢٩ م/ب/ي) في كانون الثاني، بينما اعتمدت الموازنة (٣.٤ م/ب/ي) ومنها (٤٠٠٠٠٠) برميل من كردستان. وتراجعت الموارد النفطية لكانون الثاني الماضي الى (٧) مليار دولاراً، بعد ان كانت (٧.٤) مليار دولاراً في كانون الاول الماضي، حسب وزارة النفط. وبقيت اسعار النفط بحدود (+١٠٠) دولار/برميل.. وبطرح النفقات فلن تزيد كثيراً عن تقديرات الموازنة (٩٠ دولاراً).. ويتوقع "صندوق النقد الدولي" تراجع اسعار النفط الى (١٠٣) دولار/برميل في ٢٠١٤ و(١٠٠) في ٢٠١٥، بينما الحد الادنى الذي يلبي تقديرات الموازنة هو (١٠٦.١) دولار/برميل لنفط برنت. ما العمل امام هذا الضجيج الصاخب سعياً لاخفاء الازمات؟ هل نعود للاقتراض كما يُقترح بالدفع بالاجل ومن صندوق النقد وحقوق السحب الخاصة وغيرها.. ام نُكثر من سندات الخزينة، والتي هي في المحصلة اقتراض من الجمهور.. ام نستخدم، تجاوزاً، احتياطات البنك المركزي (٧٧ مليار دولار).. وهو ما يعني ايضاً مخالفة القوانين واخذها من الشعب، لما سيسببه ذلك من انخفاض قيمة الدينار وارتفاع الاسعار، والتي ان كانت ستوفر سيولة ما، فلاشهر قليلة ليس الا. قبل يومين اعتقل الدكتور مظهر محمد صالح نائب محافظ البنك المركزي السابق لعدة ساعات في مطار بغداد.. وما زال الدكتور الشبيبي وغيره ملاحقين دون دليل او اثبات.. فهل ستحل هذه الازمات باعتقال الاكفاء والنزهاء وابعاد الخبرات، وعدم مواجهة الحقيقة.. فالاقتصاد ليس مناورة سياسية يمكن تمويهها.. الاقتصاد نتائجه لا تقبل الخداع، وعقوباته قاسية.. يمس حياة الناس.. ويحولهم من مؤيدين او معارضين الى متمردين.. ويجرد العابثين من ادوات سيطرتهم، ويكشف جهلهم وفشلهم.