ولكن على ان لا يكون ذلك على حساب المواطن وان لا يكون سببا في تضليله ، ليس الخسائر هي الامر الوحيد المبهم في العملية الامنية الواسعة التي يخوضها جيشنا العراقي الباسل ضد حمير داعش ولكن هناك الكثير الكثير مما لا نعرفه عن هذه المعركة ، فيذكر بعض الجنود ان عمليات التموين ضعيفة جدا ، اذ يقضون احيانا ثلاثة ايام او اربعة بدون طعام ، وقد انهكهم الجوع وهم يقارعون اشرس عدو واكثره حقدا على البشرية ، كما ان سرايا جيشنا تفتقد الى ابسط مقومات الانتصار حيث ان وحدات الجيش عادة ما ترافقها وحدات ميدان طبية او مستشفيات متنقلة لاسعاف الجرحى ومعالجتهم ميدانيا قبل نقلهم الى مستشفيات العاصمة ، خصوصا ان المستشفيات القريبة من المعركة غير آمنة ولا يمكن نقل الجرحى اليها ، والحال اليوم هو ان الجريح يستمر بالنزف حتى يصل الى بغداد ، وربما يموت في طريق العودة قبل ان يسعفه احد .
في معركة الانبار ابتكرت قواتنا المسلحة طرقا جديدة لخوض الحروب ، وهي ان الضباط متمترسين في مساكن امنة جدا يحاوطهم الحراس من كل جانب ومكان وهم يديرون المعركة عن بعد ، هم ليسوا في ارض المعركة اصلا ، فهم يقطنون قصورا مشيدة تم تفريغها لهذا الغرض ، لاستقبال الضباط الكبار في الجيش العراقي ، فيما ينتشر الجنود في ارض المعركة تتخطفهم داعش وتقتنص منهم ما تشاء ، دون طعام او شراب ، دون حماية او حتى اوامر بالقتل ، دون مستشفيات واسعافات اولية ، يخوض ابنائنا معركة شرسة جدا فيما يبحث ضباطنا الاشاوس عن معاجين حلاقة اصلية لكي لا تتقشر بشرتهم جراء الحلاقة المستمرة ، ضباطنا الذين يضعون الخطط الكفيلة بدحر العدو تركوا ارض المعركة وانغمسوا بالملذات بينما التصقت بساطيل جنودنا باقدامهم وصارت قطعا من اجسادهم فهم يرتدونها ليل نهار .
لا اعتقد ان معركة الانبار ستنتهي بمعاجين الحلاقة ، فنهايتها ستكون ببساطيل الجنود .