وسط اجواء الشحن الطائفي الذي تمظهر باشكال عدة والذي يرى البعض ان طرفي هذا الشحن هو الجماعات التكفيرية ممثلة بداعش من جهة والحكومة العراقية من جهة اخرى، فاما ما يؤكد طائفية داعش فهو امر لم تكن بخجلى منه فهي جماعة تكفيرية متشددة تتبنى قراءة اشكالية في فهمها للاسلام وبخاصة الجانب السياسي منه فتمخض عن هذا الفهم شروعهم في قتل كل من يختلف معهم حتى اؤلئك الذين يشاركونهم في ذات القراءة وعلى هذا فان طائفية بل شذوذ هذه الجماعة لم يعد بحاجة الى دليل، لكن ما يحتاج الى دليل هو طائفية الحكومة التي لم تبادر الى ما يمكن ان يصنف على انه فعل يكرس التوجه الطائفي. وهنا يبرز التساؤل الاهم وهو لماذا حاول البعض ان يوصم الحكومة بالطائفية ولماذا صدقه البعض ايضا ومن الذي سيدفع فاتورة هذه الوصمة؟ هذه مجموعة من التساؤلات التي ينبغي الوقوف عندها .
وباعتقادي فان للتوقيت الذي اختارته الحكومة للبدء بشن هجومها على داعش اثره الواضح في هذه الاثارة التي تجانب الواقع، لكن المتتبع يجد ان الحكومة قد اختارت هذا التوقيت بدقة عالية وعملت على مط الزمن والتسويف في حسم المعارك ليس بدافع غير دافع الانتخابات لتجعل من هذه المعارك مفردة انتخابية، والدليل على ذلك هو ان داعش امتلكت صحراء الانبار على مدى سنوات القلق السوري وارست لنفسها مواطيء قدم مؤمنة وبنت العديد من المعسكرات فاين كانت الحكومة طيلة تلك السنوات، فان قيل ان هذه الجماعة استطاعت التسلل وبناء كل هذه المعسكرات وحفر كل هذه الانفاق التي تحتاج الى زمن ليس بالقليل دون ان تعلم الحكومة بذلك فسنكون امام هول فقدان البصر لدى المؤسسة الامنية وان قيل بان الحكومة تعلم لكنها لم تتحرك في الوقت المناسب فاننا سنكون امام هول اكبر لانه يعني ان هناك مقامرة كان الشعب العراقي قيمة الرهان فيها، وان قيل بان الحكومة لم تكن مستعدة من الناحية اللوجستية او التخطيطة فنقول ما الذي تغير خاصة وان صفقات الاسلحة التي اتفقت الحكومة عليها مع عدد من دول العالم لم تخرج عن اطار التوقيع على الورق وهي تواقيع شابتها الكثير من الشبهات، وعلى هذا فما الذي استجد لترى الحكومة نفسها قادرة على خوض غمار هذه الحرب، اذن نحن امام مجموعة من الاسئلة التي ينبغي للمؤسسة الامنية وقائدها العام ان يقدموا اجابات مقنعة لان نواتج هذه الحرب لا يتحملها غير فقراء الوطن الذين لم يجدوا مكانا للعمل غير التطوع في القوات المسلحة دون ان يعلموا بانهم تطوعوا ليكونوا حطبا لنار تشعلها الانتخابات مرتين كل اربعة اعوام الاولى قبيل انتخابات مجالس المحافظات والثانية قبيل انتخابات مجلس النواب، وقد يعترض بل سيعترض البعض على هذه الاطروحة بحجة ان الدولة والحكومة اليوم تواجهان هجمة ارهابية ولابد للجميع ان يصطف الى جانبها من اجل احراز النصر ودحر الاهاب واجتثاثه من بلادنا ، فنقول ان من الصحيح الوقوف الى جانب كل الجهود الرامية الى مكافحة الارهاب واستئصال شأفته ونحن هنا لا ندعو الى ترك الحكومة لتواجه مصيرها لاننا ببساطة لا نكتب الا بدافع الحرص على نجاح هذه الجهود لكننا في الوقت نفسه نريد لهذا الجهد ان يكون منطلقا من تفكير وطني محض ولا يرتبط بـ (بارومتر) الانتخابات كما نريد لهذا الجهد ان يكون مستندا الى خطط عسكرية حقيقية ويتكأ على توافق سياسي يمكن القوات المسلحة من اداء دورها بالشكل الذي يجعلها قادرة على حسم المواقف بزمن قصير محدد وبميزانية تجنب اقتصاد البلاد الاستنزاف والصرف العشوائي الانفعالي كما نريد لهذا الجهد ان يمنهج بحيث يبدأ بمعالجة وتامين الثغور التي يمكن للارهاب ان ينفذ منها ليتكمن من ايجاد جبهات متعددة تؤدي الى تشتيت الجهد الذي يؤدي بدوره الى زيادة في اعداد الضحايا التي تقع بين صفوف قواتنا المسلحة الباسلة والتي قد تقع بين صفوف المدنين كناتج عرضي للمواجهات المسلحة، كما تؤدي الى زيادة النفقات التي تزداد وطأتها حين نعلم بان الحكومة العراقية قد اعلنت عن عجز الميزانية في النهوض بمستلزمات المواجهة في ما لو تاخر اقرار موازنة العام ٢٠١٤ ولذلك فاننا نمتلك الحق في تشخيص مواطن الخلل والتحذير من وصول الامور الى مسارب يصعب التعامل وقد تمثل مواطن خطر على شعبنا الذي لايستحق ان يراهن الساسة على مستقبله وامنه ولعل ما يسوغ هذا الطرح هو ما نراه بين الحين والاخر وفي فترات متقاربة من ثغرات خطيرة كما هو الحال في ما تعانيه قرية بهرز الصغير التي تغفو على ضفاف نهر ديالى من سطوة الجماعات الارهابية واعلانها للسيطرة عليها وهي على مقربة من تجمع القوات العراقية فهل ستتحول بهرز الى فلوجة ثانية ام ستضع القيادات الامنية ذلك في بالها لوضع حد لهذه الخروقات لعلنا نبدأ بالثقة بهذه القيادات بل وبالقيادة العامة للقوات المسلحة وقائدها الاعلى ام ستبقى تعاني مما تعانيه من النوم في العسل وتصبح ويصبح معها العراقيين على اعلان جديد لداعش بسيطرتها على قرية او مدينة او قضاء عراقي آمن اخر.