وفي اليوم التالي هدد "المجلس الاعلى" في اجتماع "مجلس الحكم" بالانسحاب ان اقر موضوع "المجمعات الانتخابية".. فشكلت لجنة لغرض اعادة التفاوض. استمر ضغط "المرجعية" تؤيدها قوى سياسية الى ان خضعت واشنطن واقرت بمبدأ الانتخابات.
في رئاسة المرحوم السيد عبد العزيز الحكيم لـ"مجلس الحكم" (١٢/٢٠٠٣) اعدت رسالة مباشرة للامم المتحدة تطالبها بلعب دورها في العراق.. ثارت حفيظة السفيرين البريطاني (كرينستوك) والامريكي (بريمر). لوح "كرينستوك" باستخدام القنوات الدبلوماسية لمنع وصول الرسالة.. فاجبته ان فعلتم، فسنلجأ الى "كتاب مفتوح" يوجه للامم المتحدة.. ذهبت رسالة "الحكيم"، وفُتح طريق الامم المتحدة الذي كانت واشنطن تعارضه، خصوصاً بعد رفض مجلس الامن اجازة الاجتياح.. ومما ساعد على ذلك ان قوى امريكية ايضاً ("باول" ووزارة الخارجية) كانت ترى ان تحملها الوضع العراقي بمفردها بات ثقيلاً عليها خلافاً لاخرى ("رامسفيلد" والدفاع).
اعيدت السيادة للعراقيين ٦/٢٠٠٤.. وفي ٣٠/١/٢٠٠٥ اجريت انتخابات الجمعية الوطنية لاعداد الدستور.. وجرى الاستفتاء في ١٥/١٠/٢٠٠٥.. وانتخابات الدورة التشريعية الاولى في ١٦/٣/٢٠٠٦، والتي ساعدت الامم المتحدة فيها كثيراً.. وفي جميعها كانت للمرجعية مواقف اساسية لحفظ اتجاه البوصلة، وحماية حقوق الشعب، خصوصاً من "شرعنة" الاحتلال نفسه، واقامة نظام استبدادي جديد.
عندما تكرر مرجعية السيد السيستاني انها تقف على مسافة واحدة، فهي تقوم بواجبها بتوازن ودقة ومسؤولية. ففي انتخابات مجالس المحافظات (٢٠١٣) قالت ان هذا لا يعني انتخاب الاشخاص او القوائم غير المؤهلة.. وتقول اليوم انها لا تعني انتخاب المسؤولين الفاشلين والمتورطين بالفساد ومن يصوت للامتيازات لنفسه.. وطالبت بالتغيير والتداول السلمي للسلطة والمشاركة الواسعة.. وتركت الحرية للناخب بالاختيار. وهذا موقف اصولي. فالله سبحانه وتعالى يكشف لعبده مناهج الخلاص ويحذره دروب التهلكة، ويتركه حراً في خياراته ليتحمل لاحقاً مسؤولياته. كذلك الانتخابات، فالمرجعية وضعت المواصفات.. ولم تضع الاسماء.. فالاسماء شأن الناخب الذي يحترم ارشادتها ومواصفاتها، فهو من يختارها.. وفق مواصفات يقبلها كل عاقل ووطني، ملتزم او غير ملتزم.. وهذا عين التربية الصائبة والنهج القويم.