حتى المبتدئ بدراسة علم النفس وتحليل الشخصية يعرف ان أي شخص يشكو ان الكل تحاربه أو تناصبه العداء، فهو مصاب بعقدة "البارانويا" التي تعني "الشعور بالاضطهاد". بديهية من بديهيات الطب النفسي وعلم تحليل الشخصية. بالمناسبة كل إنسان فينا قد تظهر عنده هذه الحالة أحيانا. لكنها لا تؤذي ولا تخيف اذا كانت وقتية أو عرضية. أما اذا تحولت إلى منظومة من الأوهام الثابتة أو صارت شعارا ومكسبا يجلب أصوات الناخبين لاختيار الحاكم فإنها ستصبح خطرا قد يهد قارة بأكملها وليس بلدا بحجم العراق. يقول الدكتور النفساني صبري جرجيس في محاضرة له بعنوان "علم النفس والحرب": "أهم السمات المميزة للبارانويا هي أوهام الاضطهاد، فيعتقد الفرد انه لا يلقى حقه من تقدير الناس وانه مضطهد ويحيط به أعداء يتآمرون عليه. وهو يعطي للحوادث التافهة دلالة كبيرة فيعتقد ان الناس يكرهونه ويعكس هذا الشعور فيكرههم، وتشتد هذه الكراهية نحو أشخاص معينين".
قبل أيام قال المالكي في البصرة ان لديه ""قائمة بالمشاريع التي عطلت بقصد وبتوجيهات من أجندات خارجية حتى لا يقولوا أن العراق بنى والعراق تقدم".
ان الحاكم الذي يعيش تحت ضغط أوهام الاضطهاد البارانوئية يشك في كل حركة من حركات شركائه وحتى حركات بعض الدول الأخرى ويعتبرها موجهة ضده شخصيا بقصد إضعافه.
الجانب المخيف في هذا هو ان يتحول مرض الشعور بالاضطهاد عند صاحبه إلى شعور بالعظمة والتفوق فيرى في نفسه مواهب خارقة تجعله ينظر إلى غيره من الناس نظرة المتعالي والمتغطرس.
أما الأ كثر خوفاً والأشد خطراً من ذلك كله، فهو حين تنتقل أوهام العظمة الممزوجة بأوهام الاضطهاد من الحاكم إلى الشعب. وهذا قد يفسر كيف يصبح وهما زائفا، مثل خرافة التفوق الطائفي، عقيدة وإيمانا أعمى ثم لطمية عند شعب بأكمله.
هاكم اسمعوها وليكن الله في عونكم يا عراقيين: