في اجواء الدعاية الانتخابية رأى بعض المنافسين رأي العين ان كتلة المواطن تجتاح الساحة من اقصاها الى اقصاها وتسجل حضورا غير مسبوق وتستقطب الاوساط الجماهيرية المختلفة وتقدم برنامجا انتخابيا متطورا ودقيقا في توصيف المعضلات الكبرى التي يعانيها العراق ، ثم تقديم مشاريع الحل الواقعية التي تقع ضمن قدرة اي حكومة تريد ادارة هذا البلد بما يتوفر لديه من ثروات هائلة وموارد بشرية تخصصية هي الافضل في المنطقة الاقليمية ، كما لاحظ المراقبون ان الموجة بعثتها كتلة المواطن في الشارع هي موجة التغيير الحتمي التي ستؤدي الى استبدال الوجوه والقوى الفاشلة والفاسدة ، ويبدو ان عملية الاستبدال المتوقعة تتحول الى مخاوف عارمة في اوساط الفاشلين والفاسدين لان الاستبدال يعني خروجهم من اللعبة ثم تعرضهم الى مساءلات قانونية واستحقاقات قضائية كانت مؤجلة بسبب وجودهم في الحكومة والبرلمان ، وان رفع غطاء الحصانة والعنوان الحكومي عنهم سيجعلهم في مواجهة تلك الاستحقاقات القاسية ، ولو كان ما ينتظرهم من بلاء مجرد خسارة السلطة لكان الامر هينا ، هذا الواقع جعل عددا كبيرا من المشمولين بالخوف المستقبلي يتبعون كل اسلوب وكل وسيلة قذرة من اجل اسقاط وتسقيط منافسيهم ، فقد نشروا دعاية ساذجة في مختلف الاوساط وفي وسائل اعلامهم وفي مواقعهم تقول بان المجلس الاعلى يعقد تحالفات مبكرة قبل الانتخابات مع ائتلاف متحدون والكرد وغيرهم لتشكيل الحكومة المقبلة ! وهو اتهام يحاول ان يقول للناس بأن المجلس الاعلى يفرط بحقوق طائفته ويضعف البيت الشيعي حسب تعبيرهم ويلجأ للتحالف مع تنظيمات معادية كما يقولون ، وهذا ادعاء كاذب ولا يشتمل على اي ذكاء او فطنة تساعد على تصديقه ، وقد عزز هذا البطلان الواضح بيان المجلس الاعلى الذي تلاه الناطق الرسمي الشيخ حميد معله الساعدي، واكد فيه ان ان التحالفات ان كانت مطلوبة فعلا فهي تجري بعد الانتخابات عادة لا قبلها وان مثل هذه الترويجات لا اساس لها من الصحة . والغريب ان هذه الترويجات لقيت تكذيبا واستهجانا فوريا في اوساط الناس ، لماذا لأن المجلس الاعلى اعلن منذ اشهر على لسان رئيسه السيد عمار الحكيم ثم على السنة المتحدثين باسمه وفي مناسبات مختلفة وحتى ضمن الدعاية الانتخابية ان المجلس الاعلى لديه رؤيته الخاصة في قضية تشكيل الحكومة المقبلة ورؤيته تستند الى نقطتين : ١- يجب ان يجري تشكيل الحكومة بعد معرفة نتائج الانتخابات واستحقاقها الرقمي الذي يكشف مستوى ثقل القوى التي يمكن التفاهم معها . ٢- يؤمن المجلس الاعلى بمبدأ حكومة الاغلبية السياسية ولكن بتعريف آخر غير التعريف التقليدي السائد حاليا في الاوساط السياسية ، فالمجلس يؤمن بحكومة اغلبية سياسية من المكونات الوطنية كافة بتعبير آخر ان جميع من تنطبق عليهم صفات الكفاءة والنزاهة والتخصص من جميع القوى السياسية يمكنهم الاشتراك في هذه الحكومة التي تعني : حكومة اغلبية ناجحة ، اغلبية نزيهة ، اغلبية كفوءة ، وليست اغلبية سياسية على اساس مسماها الحزبي او الطائفي ، هذا المضمون كرره المجلس الاعلى في اكثر من مناسبة لكنه لم يمنع سهام التسقيط من ان تطلق في كل لحظة لتعود الى صدور مطلقيها ، ونشير هنا الى حقيقة مهمة ملخصها ان الذي يحرص على سلامة الطائفة وتحالفاتها وبنيتها السياسية لا يسعى الى تسقيط اشقاءه داخل الطائفة طمعا في السلطة .