السيد رئيس الوزراء، في جولته الانتخابية، لا يحمّل نفسه مسؤولية التدهور.. ويطالب بدوره بالتغيير.. ولا ندري ما الذي منعه ويمنعه من القيام بذلك.. ولديه حجم واسع من السلطات والامكانيات تسمح له، وللمرتبطين به، بتوزيع الاراضي والمناصب دون ذكر غيرهما، وباجراءات قانونية ولاقانونية.. وتسمح له بان يجعل جانب الانجاز والتطور اكبر بكثير من جانب التدهور والتراجع.. والوحدة والانسجام اكبر بكثير من التفكك والانقسام.. والامن والاستقرار اكبر بكثير من الارهاب والموت واحتلاله مساحات متزايدة. فالشركاء المتهمون بالتعطيل هم الذين اوصلوه لسدة الحكم، خصوصاً قوى "التحالف الوطني" والكردستاني" و"العراقية".. وشركاء السلطة التنفيذية الذين ينتقدهم، يمارس صلاحياته وسياساته باسمهم (مجلس الوزراء).. وهذه ازدواجية لا يمكن الهروب منها.
لا ننفي صعوبة الاوضاع ومسؤولية القوى الاخرى.. بل لا ننفي مسؤوليتنا باعتبارنا جزءاً من "التحالف الوطني" والبرلمان.. لكن الواضح ان المسؤولية الاكبر تقع على السيد رئيس الوزراء نفسه.. الذي يدير مباشرة جميع المواقع الامنية ومعظم الوزارات السيادية، وتعتمد عليه شخصياً جميع سياسات الدولة.. ويأخذ بين اونة واخرى صلاحيات اضافية، يفرضها كأمر واقع، بتجاوزات ومخالفات واضحة.. وبدون مراقبة ومسائلة واستجواب.
النأي بالنفس وتحميل الاخرين المسؤولية هو عدم المسؤولية بعينها.. ودليل اضافي ان البلاد بحاجة الى تغيير حقيقي وجدي، قادم لا محالة.. نعم كثيرون في داخل البلاد وخارجها لا يريدون النجاح لتجربة العراق ويعملون كل ما في وسعهم لافشالها.. لكن الصحيح ايضاً ان اكثر من هؤلاء بكثير داخل البلاد وخارجها يريدون للعراق الانتصار. فالعراق يمتلك امكانات مادية وبشرية هائلة تسمح له بالانطلاق.. والخروج من المازق الذي وضعته فيه السياسات الفاشلة.. فعندما لا تستثمر السياسة الرسمية كل الامكانات المتوفرة تحت يدها، وتغرق نفسها والبلاد في الازمات، فان النتيجة ستكون تدهوراً امنياً وتراجعاً سياسياً واقتصادياً يتطلب المراجعة والوقوف عنده للتغيير.