اختلف نظام "سانت لوكو" (المحافظات ٢٠١٣) جذرياً بعد احتجاج قوى شعبية ومرجعية كثيرة على النظام النسبي.. الذي يغيب المستقلين لمصلحة الاحزاب، التي تستحوذ على اصوات من لا يعبر العتبة القانونية <٣٠%>.. وهنا حدث العكس، فأخذت القوى الصغيرة من الكبيرة.. مما زاد من تشظي القوى.. والابتزاز والمساومات الرخيصة.
منع "سانت لوكو" المعدل القوى "القزمية" من الصعود، وابقى الفرصة للتيارات الجادة، بما فيها المبعثرة والصغيرة، شرط التوحد.. وخفف اثار التزوير، دون الغائها تماماً. فالقوى الكبيرة تحصل على مقاعدها الاولى ببساطة نسبية.. لكنها تحصل عليها بصعوبة اكثر كلما ارتفع "رقم القسمة" (١.٦، ٣، ٥، الخ).. ففي البصرة مثلاً (٢٥ مقعداً) لو حصلت قائمة على ٣٥٠٠٠٠ صوتاً فستحصل (مع اعتبار ارقام الاخرين) على ١١ مقعداً، "بمعدل قسمة" يصل ٢١.. وهو ما كانت ستحصل عليه بـ ٣١٠٠٠٠ صوتاً.. ولن تحقق ١٢ مقعداً الا بـ ٣٧٠٠٠٠ صوتاً. فالنظام يعطي للقوى الكبيرة والجادة حقها، لكن حساباته ومعادلاته تخفف -لحد ما- الاساليب اللاشرعية التي يتم اللجوء اليها.
هذا النظام ليس الارقى، لكنه يتناسب واوضاعنا.. فالنظام النسبي همش قوى كثيرة.. ولم يمنع تشظي القوى الكبرى لاحقاً.. وتأثيرات التزوير طردية... اما النظام الجديد فلا يشجع على تكوين قوى كبيرة قبل الانتخابات لكنه يدفع للتحالف بعدها.. فهو رغم ثغراته يحقق مستوى عدالة يتناسب مع اوضاعنا.. اضافة الى ان طبيعة النظام تمتص بعض اثار التزوير، دون ان تلغيها تماماً بالطبع.
لا يمكن بحث النظام الانتخابي دون بحث قانون الاحزاب، وحيادية الدولة والتربية والسلوك الديمقراطيين اللذين يجب ان يتمتع بهما المسؤول ويبرهن عليهما.. لان النوايا ان صدقت صدق ما عداها، وان فسدت فسد ما عداها. وهذه تتطلب تربية مؤسساتية وديمقراطية تجعل رجل الدولة والسياسة حريصاً على اداء مهامه بامانة، كما يؤدي المؤمن فرائضه وعباداته باخلاص، في خلواته ومع نفسه، دون رقيب غير الله تعالى.