إذا أخذنا بنظر الاعتبار عجز الدولة و الحكومة الكلي عن توفير مستلزمات الأمن و الأمان للمواطنين ، فبلا شك إن لجانب الإهمال و اللامبالاة و عدم الاكتراث أو الاتكالية من قبل المواطنين ، دورا كبيرا في ارتفاع نسبة التفجيرات و أعداد الضحايا الأبرياء ، على صعيد عدم مراقبة و ضبط حركات السيارات مجهولة الهوية التي يصف بها سائقها المجهول على أحد الأرصفة ، تاركا إياها واقفة بقصد التفجير و قتل المارة الأبرياء..
فمن الواضح إن المسألة تحتاج هنا إلى كثير من عملية التنظيم و الضبط و التدقيق في حركة المرور الذاهبة و القادمة و أماكن وقوفها سواء كمناطق سكن أو زيارات أقرباء و معارف ، فعند معرفة الهوية الثبوتية لأصحاب تلك السيارات و كذلك أرقام لوحاتها ومستمسكات ملكيتها و بتنسيق و اتفاق بين سكان المنطقة الذين يُفترض بهم التعاون و المساعدة و الدعم من هذه الناحية ، لأن الأمر برمته يتعلق بأمنهم و سلامة حياتهم و حياة أفراد عائلاتهم و بمجمل ممتلكاتهم و متعلقاتهم ، فآنذاك سيقّل عدد السيارات المجهولة و الموضوعة قصدا للتفجير ، و ذلك بفضل عمليات التنظيم و الضبط و التدقيق تلك ، لكونها ستكشف هوية سائق السيارة المعنية بالأمر و كذلك عائدية السيارة نفسها ، المعدة للتفجير ..
و بطبيعة الحال ، وما دمنا نتحدث عن فكرة التنظيم وضبط الأمور ، فلابد من التأكيد على ضرورة و أهمية تعاون الأهالي و كذلك أصحاب المحلات مع السلطات الأمنية عبر تشكيل لجان تطوعية و بتعاون مع السلطات الأمنية المحلية غير المخترقة ، لتأخذ على عاتقها مسئولية إنجاز هذه المهمات و مراقبة و فرز السيارات المجهولة الهوية و المشبوهة بهدف إفشال خطة التفجير في وقتها المناسب ..
فقليلا من الجدية و الإخلاص و التضحية بالوقت ، طبعا إلى جانب عمليات التنسيق والتنظيم و الضبط و التدقيق يمكن إحباط و إفشال عشرات من سيارات مفخخة ، ومن ثم إنقاذ حياة عشرات من الضحايا من القتل اليومي و المجاني .
و ضمن هذا السياق فلابد من إشارة إلى إن وجود أجهزة كاميرات " أمنية " في عموم مناطق و أحياء العراق كان سيقلل هو الأخر من نسبة التفجيرات بالسيارات المفخخة أو العبوات الناسفة ، غير إن حكومة المالكي الفاشلة لم تعر أهمية تُذكر لهذا الجانب المهم ، على الرغم من المطالبة به وإثارته مرارا من جانبنا و من جانب كتّاب عديدين أيضا ..
كما من المعروف بأنه في حالة عجز الدولة ، لسبب من الأسباب ــ عن حماية مواطنيها و توفير مستلزمات الأمن و الأمان لهم , فآنذاك يتحتم على المواطنين ــ ضمن مبادرة التيسير الذاتي ـــ أن يبادروا من تلقاء أنفسهم ، إلى تنظيم أمور و متطلبات أمنهم بأنفسهم و إيجاد و ابتكار كل ما من شأنه دعم و تقوية ذلك بشكل يحقق الهدف المنشود على هذا الصعيد ، عبر تشكيل لجان محلية خاصة مكوّنة من سكان محليين تكون مهماتهم مراقبة حركة السيارات و التأكد الكامل و المطلق من خلوها من مواد التلغيم و التفجير ..
حقا : لقد آن الأوان أن يتخلص المجتمع العراقي من سلوك الاتكالية و من نهج " شعلية " اللذين تحولا إلى ماكنة قتل يومية تلتهم منهم بالعشرات و الحبل على الجرار .