غالبًا ما يكون البسطاء ضحايا مسؤولين لايختلفون عن أبطال مسرحية وايلد، عندما نتطلع حولنا سنرى جيدا ما يدور على خشبة المسرح من مهازل، لان أسوأ أنواع الكوميديا هي الضحك على المتفرجين، لا على الأحداث، في هذه الأيام أثقلت صفحات"الكوميديا " في العراق النقاش الذي يعلو كل يوم مجالس سياسيينا حول"السيادة وأخواتها".. والله العظيم يا جماعة هذه ليست كوميديا انها " مسخرة " عليكم ان تخجلوا، تتنافسون باسم السيادة على نهب ثروات البلاد والعبث بأمنه، وكأن ضياع الموصل لا يمس السيادة وقضم أجزاء من الأنبار لا علاقة له بالأمن الوطني، ورفع رايات دولة الخلافة في تكريت مسألة فيها نظر وليست مأساة وجريمة.
هل تعرفون يا سادة ما معنى السيادة، انها سعي لبناء الشعوب، وإبداع في الإعمار وإدارة شؤون البلاد واعلاء شأن العدالة، وانشغال بالبحث عن الرفاهية الاجتماعية، أكثر من إبداع في فنون السرقة واللعب على الحبال.
يخبرنا هربرت سبنسر صاحب كتاب " الرجل ضد الدولة" ان العدالة تكمن في تطوير قابليات الناس على العمل والمشاركة في القرار، لانها الطرق الوحيدة التي تؤدي الى التطور والسلام، ويضيف: "عندما تتوقف تخاريف السلطة، ينهض التطور ويتوزع الخير على جزء كبير من افراد المجتمع وتصبح الوطنية، العمل للوطن اولا واخيرا " لكن ياعزيزي السيد سبنسر معظم ساسة اليوم يرون مبرر بقائهم في التحريض على الاخرين، والخدمة الوحيدة التي يقدمونها لشعوبهم هي خطب مزيفة وخادعة عن النجاح والتفوق، ولا يدخل في مضامين هذه الخطب اي حديث عن حق المواطن بالحياة الكريمة وحقه بالامن والامان وفي الاستقرار.
الساسة "الخطباء" يتصورون ان خطبهم " السيادية " يمكنها ان تكون بديلا عن بناء دولة مؤسسات، ما هو هذا المنجز الكبير الذي نباهي به شعوب العالم؟، وماذا يعني أن على العراقيين ان يتحملوا فشل المسؤول، وهل هناك نظام سياسي حقيقي يعتبر الخراب والازمات والاف الضحايا دليلا على النجاح، الذي تسعى دول كبرى الى اجهاض مسيرته، يريدون ان "تلتهي" الناس بأحاديث مطاطية، عن الفشل الذي لا يتحمله أحد، وعن السعادة التي كانت في انتظار الشعب لو ان دول العالم اختفت من الوجود، وعن اجبار امريكا على الانسحاب، وهي تجر اذيال الخيبة، والبند السابع الذي اخرجوه من "فم" مجلس الأمن.
هل تريدون " سيادة " أكثر من هذا؟ هاكم ما خرجت به تقارير الامم المتحدة من أن العام ٢٠١٤ الاكثر دموية في العراق منذ سبعة أعوام، حيث بلغ عدد القتلى من المدنيين أكثر من ١٥ ألف قتيل في العام الماضي. ولاننا في زمن احصائيات السيادة فان حصيلة العنف هذه هي الاكبر منذ عام ٢٠٠٧.
يخاطب بطل مسرحية وايلد أحد السياسيين قائلا "يا سيدي متى تكون جادا، الا تدري ان الخديعة شقيقة الجهل، والاثنتان تؤديان الى طريق واحد: موت المستقبل وضياع الحاضر".