-١-
تعالت أصواتُ العلماء الربانيين ورجال العراق المخلصين، مُطالِبةً الحكومة العراقية بالحركة السريعة، لإحالة ملفات فرسان السرقة والاختلاس واللصوصية - ممن نهبوا الثروة الوطنية عبر العقود الوهمية والصفقات التجارية ، وألوان التحايل للاستحواذ على المال العام وتهريبه الى خارج البلاد ، أو تحويله الى مشاريع وعقارات في كبرى العواصم في العالم – الى القضاء .
-٢-
ولقد استبطأ البعضُ الاجراءاتِ اللازم اتخاذُها في هذا المضمار، فدّق ناقوس الخطر وحذّر من آفات هذا التاخير ....
-٣-
وجاءت الاستجابة السريعة من قبل الحكومة العراقية، فأعلن يوم الاربعاء ١٤/١/٢٠١٥ عن قرار يُمنع بموجبه ستون مسؤولا – ممن تقلدوا مناصب عسكرية وادارية مختلفة – في الدولة من السفر ، تحت اي ظرف ، وصُودق على القرار بمذكرة قضائية .
انّ القرار – على ما أوردته بعض وسائل الاعلام – قد اتُخِذَ من قبل رئيس مجلس الوزراء د. حيدر العبادي، بوصفه قائداً عاماً للقوات المسلحة ، ورئيسا للحكومة .
وقد أنتشر خبرُ وصول القرار المذكور، الى الجهات المختصة في جميع المنافذ البرية والجوية – بما فيها أقليم كردستان –
إنّ أول ما يفكرّ به المطلوبون للقضاء، لاجتراحهم الممارسات التي تقع تحت طائلة الحساب، هو الفرار والسفر الى خارج الوطن .
ولكي لايفر هؤلاء ، كان لابُدَّ من اتخاذ هذا الاجراء الاحترازي الحائل بينهم وبين الهرب ...
-٤-
ولقائل ان يقول :
ولماذا اشتمل القرار على اسماء ستين مسؤولاً فقط ؟
والجواب :
انّ باب الملاحقة القضائية لرموز الفساد والأفساد حين يفتح فلن يقتصر على هؤلاء وحدهم يقينا .
ومن الطبيعي جداً انْ يتم اعداد القوائم تباعا ، لكي تصل النوبة الى الاخرين .
-٥-
انّ الشعب العراقي متعطش للغاية ، لرؤية كبار الحيتان وهم يساقون الى القضاء، للمساءلة والحساب، ليس عما نهبوه فقط ، وانما للمساءلة والحساب عما أهدروه من المال العام وفرّطوا فيه .
وكيف لا يكون كذلك، وهو يقف على أخبار انفاق الملايين على احواض السباحة في بيوت بعض المسؤولين ؟
ويأتي هذا الترف الفظيع متزامنا مع الغصص والآلام والمشاق التي تعانيها مئات الآلاف من الأسر العراقية النازحة عن ديارها، فراراً من أوباش (داعش) واخوانهم من الرضاعة ...
انهم لم يكونوا يتصورون أنّ هناك من يرتضي لنفسه هذا اللون من الترف ، على حساب البائسين والجياع من المواطنين العراقيين .
انّ الترف مستنكرٌ ومستهجن ، اذا كان من المال الشخصي لهواة البذخ والترف ، فكيف به اذا كان من المال العام ؟!
ان هؤلاء لا يملكون الحس الانساني النبيل ، فضلاً عن الحس الوطني الصادق، والمسار الاخلاقي الصائب .
-٦-
ويُخطأ من يظن ان له حصانة تحول بينه وبين المساءلة والحساب حيث لا حصانة الاّ للنزيه الأمين .
ان النائب في مجلس النواب فقط ، هو من يملك الحصانة ، ولكنّ هذه الحصانة تزول عنه حين يطلب القضاء من المجلس رفعها عن المتلبس بالجرائم ...
وأجواء المجلس النيابي العراقي حالّيا مهيئة للتصويت على رفع الحصانة عن كلّ من امتدت يده الى المال الحرام ..!!
او كان السبب في احتلال الأوغاد من (داعش) لثلث أراضيه ،
فضلاً عمن انتهك الحقوق والحريات والكرامات، غير مُبالٍ ولا مكترث، لا بالدستور ، ولا بالموازين والقيم الانسانية والسياسية والقانونية والاخلاقية ..
-٧-
من هنا أطلقنا وصف (التباشير) على القرار المذكور ، ذلك أنه الخطوه الأولى في رحلة الألف ميل – كما يقولون –
-٨-
اننا في سباق مع الزمن لاسترجاع ما نهب من أموال العراق .
ونحن على قناعة تامة انّ الأزمة المالية الحالية، ستدفع باتجاه الجدية والفاعلية في تحصيل ما استحوذ عليه الخائنون من السلطويين الذين ظنوا أنهم فوق القانون والحساب ...
وقد جانبوا في ذلك الحق والصواب .