العراق ليس استثناءا من هذه المعطيات، حيث كان يمتلك جيش قوي متمرس في الحروب، ومخابرات محترفة، وهاتان السلطتان كانتا أداتين طيعتين بيد رئيس الجمهورية، سواء في عهد الجمهورية الأولى أو ما تلاها، مما أدى إلى انهيار الجيش العراقي تماما في نيسان ٢٠٠٣.
بعد قرار بريمر الورقي بحل الجيش، أصبح الجيش العراقي خارج أسوار مؤسسات الدولة، وبات أفراد تبحث عن من يعطيها لقمة العيش، وتتلقفها أيدي مخابرات الدول الشقيقة والعدوة والصديقة، على حد سواء.
وقفت المرجعية وقفتها المعروفة، بضرورة بناء الدولة وكتابة دستور وبأيدي عراقية منتخبة، وكان لها ما أرادت، ومنذ ذلك الوقت والمرجعية توجه المسؤولين وتحثهم على خدمة الشعب، والسياسيون لازالوا بين كثرتهم المتمردة، وقلتهم المتواضعة المطيعة، وهي لا تمل من التوجيه والإرشاد، أو الانتقاد في أحيان أخرى.
بعد سقوط الموصل ووكسة حزيران المهينة، والهروب الجماعي لقادة الجيش، أمام جماعات صغيرة من الإرهابيين، في حادثة لم يسبق أن مرت بتاريخ الجيش العراقي ، بكل سلبياته وايجابياته، جاءت فتوى الجهاد الكفائي، لتعيد الموازين المقلوبة، وليتأكد للجميع أن المرجعية هي صمام الأمان الأول.
الحشد الشعبي استوعب جميع الطوائف، وأخذ زمام المبادرة من العدو، وليكون في الواجهة بدلا من الجيش، وبرغم كل ما قيل عنهم، وعما ارتكبت من أخطاء باسمهم، فالسؤال هنا، هل من بديل؟
مع عدم وجود البديل، يكون طلب بعض السياسيين من سحب الحشد الشعبي من مناطق القتال، بمثابة انتحار جماعي، وذبح وحرق لما تبقى من رجال تلك المناطق، وبيع لأعراض نساءهم، ووأد مشروع لأطفالهم.
لا نريد أن يكون الحشد الشعبي بديلا للجيش العراقي، ولا نريد أن يتعكر مزاج بعض السياسيين، ولكنه واقع أُجبرنا عليه ولو مؤقتا، وليكون صمام الأمان الثاني، طالما بقي ملتزما بتوجيهات المرجعية الرشيدة.