وقال السيد عمار الحكيم في كلمة بافتتاح الاجتماع الرمزي الذي دعا اليه سماحته قادة البلاد ورؤساء الاوقاف الدينية كافة ان " اجتماعنا الرمزي هذا وبعيدا عن التعقيدات السياسية والبروتوكولية ، انما يحمل دلالة كبيرة على ان عراقيتنا اكبر من اختلافاتنا ووطنيتنا اعمق من تقاطعاتنا " .
واضاف السيد عمار الحكيم مخاطبا الحضور من قادة وسياسيين وشخصيات " انتم قادة العراق ورجاله حملتم هموم هذا الوطن في المعتقلات والمنافي وقدمتم التضحيات المباشرة وغير المباشرة ، فقدتم الاخوة والاحبة والاصدقاء في اقبية الدكتاتورية وافنيتم زهرة شبابكم وانتم مطاردون او معتقلون او منفيون " .
وتابع السيد عمار الحكيم " انتم تاريخ العراق ومستقبله واليوم ينظر اليكم شعبكم على انكم قادته ورموزه وينتظر منكم رسم مستقبله ومستقبل اجياله المقبلة ويتأمل منكم ان تنشروا الامل على طول جغرافيا هذا الوطن الحبيب الذي حملتموه في احداقكم ، نحن جميعا ندرك جيدا التركة الثقيلة التي خلفتها الدكتاتورية والفجوات الكبيرة التي احدثتها في نسيج المجتمع والذوق والفكر العراقي " .
واستدرك " لقد حولت الدكتاتورية وطننا الى مجرد كتلة من الالم على شكل وطن يأن ابنائه من الظلم والحرمان والاستبداد وكان الدكتاتور عادلا في توزيع ظلمه فلم تنجو منه طائفة او قومية او منطقة ولتبقى هذه الذكرى حية في عقولنا وضمائرنا كي لانتجاوزها ونتناساها ونبدأ بظلم بعضنا البعض نحن ابناء الامس المظلوم والمقهور والمشرد ، وحتى في رحيل الدكتاتور فأنه أختار أسوء الطرق وابشعها للرحيل تاركا شعبه ووطنه فاقدا للأهلية ومسلوب السيادة " .
واسترسل " لقد عبرنا مرحلة كبيرة ولكن مازال الطريق أمامنا طويلا وسوف يذكر الشعب دائما من وقف معه ومن وقف مع نفسه وانا واثق انكم جميعا تقفون مع الشعب دائما وأبدا ، ولا يخفى عليكم ايها الاخوة والاخوات ان منطقتنا تمر الان بظروف استثنائية لم تشهدها منذ ١٠٠ عام ، وان هذه الظروف تضغط على الواقع الداخلي العراقي ومن مختلف الجهات ، وان الرياح العاصفة تضغط وبقوة على اشرعة وطننا فلنكن نحن البحارة الماهرين الذين ننجو بسفينة وطننا وسط هذه العواصف ونرسو بها الى بر الامان والحرية والازدهار ، اليوم العالم ينظر اليكم وشعبكم ينظر اليكم والتاريخ يملئ احباره كي يصدر حكمه عليكم ، وليس هناك مشكلة عصية على الحل ، متى ما آمن المختلفون بالحل والعيش المشترك وليست هناك أزمة لا يمكن الخروج منها , متى ما آمنا أن العراق فوق كل الازمات والالام ويجب ان لا نتشدد على اي موقف لان شعبنا أهم من كل المواقف وان الالتقاء في المنتصف لا يمكن اعتباره تنازلا ، لان الفرسان وحدهم هم الذين يلتقون بالمنتصف " .
وقال رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي " أسمحوا لي وبأسمكم جميعا أن نقول لشعبنا الرائع وبمختلف طوائفه وقومياته ومناطقه عربا وكردا وتركمانا وشبكا مسلمين ومسيحيين صابئة وايزديين شيعة وسنة كلمة واحدة وبقلوب متحدة وأرادة واحدة " .
وردد السيد عمار الحكيم " كلا للارهاب والطائفية ، كلا لانتهاك حرمة الوطن والمواطن ، كلا لظلم بعضنا للبعض الاخر ، كلا لاي سلاح خارج اطار الدولة ، كلا لاي انتقام او تشفي بعيدا عن القضاء ، ونعم لعراقيتنا ، نعم لوطننا الواحد الموحد ، نعم لشعبنا الطيب الوفي الصبور " .
وبين السيد عمار الحكيم ان " الارهاب والعنف بكافة اشكاله يستهدفنا جميعا ليس كأفراد فحسب وإنما كمكونات وعلينا أن نقف بحزم ووضوح وصراحة ضد الارهاب وضد الدعوات الارهابية والطائفية التي تهدف إلى تمزيق البلاد وتمزيق شعبنا ، وان نحارب سوية اي نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي ، او يحرض او يمجد او يروج او يبرر له ، ولا سيما البعث الصدامي ، وان نلتزم جميعا بمحاربة الارهاب بجميع اشكاله ، وان نعمل على حماية اراضينا من ان تكون مقرا او ممرا او ساحة لنشاطاته " .
واضاف ان " السلاح يجب أن يكون بيد الدولة حصرا فهي الراعية والمسؤولة عن أمن الوطن والمواطن ، وان تتكون القوات المسلحة والاجهزة الامنية من مكونات الشعب ، بما يراعي توازنها وتماثلها من دون تمييز او اقصاء ، وتخضع لقيادة السلطة المدنية ، وتدافع عن الوطن والمواطن ولا تكون اداة لقمع الشعب ، ولا تتدخل في الشؤون السياسية ، ولا دور لها في تداول السلطة ، كما يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة وعلينا أن نقدم كافة اشكال الدعم للقوات المسلحة والاجهزة الامنية لتؤدي وظائفها بالشكل الصحيح ، ويجب ان تكون السيادة للقانون ، وان يكون الشعب مصدر السلطات وشرعيتها والعراقيون متساوون امام القانون من دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي ، وان يكون القضاء مستقلا لا سلطان عليه لغير القانون ، والقضاة مستقلون ، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ، ولا يجوز لاية سلطة التدخل في القضاء او في شؤون العدالة ، ولا جريمة ولا عقوبة الا بنص ، ولا عقوبة الا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة ، والمتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة ولا يجوز الحبس او التوقيف في غير الاماكن المخصصة لذلك ولا يجوز توقيف احد او التحقيق معه الا بموجب قرار قضائي ولا يجوز استمرار التوقيف ما لم تعرض اوراق التحقيق الابتدائي خلال مدة اقصاها ٤٨ساعة وحرية الانسان وكرامته مصونة ويحرم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الانسانية ، ولا عبرة باي اعتراف انتزع بالاكراه او التهديد او التعذيب " .
واشار الى ان " هذه هي النصوص الدستورية وان الدستور هو القانون الاسمى والاعلى ويكون ملزما في انحاء البلاد كافة من دون استثناء ويعد باطلا اي قانون او نص اخر يتعارض معه ، فهو الذي يحمي الجميع ويحفظ حقوق الجميع ، وعلينا اللجوء إليه عندما نختلف ، ومن الخطأ أن نختلف عليه أو فيه ، لاننا عندما نختلف عليه سنفقد آخر حصن يمكن أن يجمعنا وينظم حياتنا وعلاقاتنا ، وشدد سماحته على ان الشراكة ليست نظرية جديدة ندعو لها ، وانما هي حقيقة وواقع ، وعلينا أن نتحمل تبعاتها مثلما نسعى الى نيل استحقاقاتها " .
وقال السيد عمار الحكيم في كلمته بالمجتمعين " الشراكة ايها السيدات والسادة ليست امتيازا يمنح بل هو مسارطبيعي للعلاقة بين أبناء الوطن الواحد ، ولن يستقر العراق من دون الاعتراف بهذه التعددية القائمة في الشعب " .
واوضح السيد عمار الحكيم ان " العراق دولة مستقلة لها سيادة وهو عضو في الجامعة العربية وفي الامم المتحدة ، له دستور صوت عليه الشعب , وعلينا أن ندرك أن مسؤوليتنا جميعا هي المحافظة على استقلاله ، وإبعاده عن كل من يسعى للتدخل في شؤونه بأي شكل من الأشكال ، والوقوف بحزم وإرادة وطنية ضد كل مظاهر التدخل فيه من قبل أي طرف خارجي ، نحن نعيش في محيط اقليمي ودولي تعصف به المشكلات والأزمات ومن الطبيعي ان يتأثر العراق بتلك الأزمات ، لكن من غير الطبيعي أن يتحول العراق الى طرف في تلك الأزمات ، ليكون بديلا عن هذا الطرف أو ذاك يقاتل نيابة عن هذا اوذاك " .
وتابع " من هنا نؤكد على ان الحل يجب أن يكون حلا عراقيا فإن اي حل مستورد من الخارج سوف لن يؤدي الا الى المزيد من الاشكاليات والتقاطعات بين أبناء الوطن الواحد " .
وبين ان " الحوار هو الطريق الصحيح الذي يقودنا نحو حل المشكلات الناجمة عن الاختلافات في رؤانا لبناء الدولة وتسيير شؤون الحكم في البلاد ، ففي بلد تتعدد فيه المكونات الدينية والمذهبية والقومية ، والسياسية يكون الاختلاف في الرأي مظهر طبيعي من مظاهر التعدد ، لكن يجب ان لا يكون هذا الاختلاف سببا لانهيار قيم التسامح والتعايش والقبول بالآخر والحوار ، إن أخطر ما نواجهه اليوم هو بروز الدعوات العدوانية التي تريد الغاء الآخر ، وهذا يعني اللجوء الى القتل والتدمير ، وهو ما يحصل اليوم هنا وهناك ، وهذا يستدعي منا جميعا الوقوف بحزم كدولة ومرجعيات دينية وقيادات سياسية وعلماء ومؤسسات مدنية ضد ظاهرة نفي الآخر ومحاولة محوه من خارطة العراق " .
وقال رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي للمجتمعين من كافة القوى والكتل والمكونات والشخصيات العراقية " نحن بحاجة الى حوار جاد منطقي وموضوعي وشجاع لنأخذ القرارات التي تقود البلاد الى الوئام والسلام ، علينا أن نغلب منطق الحوار على أي منطق آخر ، فمن خلال الحوار يأخذ الجميع حقوقهم ، نحن شركاء في المسؤولية فيما يحدث للبلاد اليوم ، ولن يكون اي منا بمعزل من المسؤولية ، وعلينا أن ندرك ذلك ، والتاريخ لا يرحم " .
وشدد السيد عمار الحكيم قائلا " نحتاج اليوم الى التهدئة الاعلامية لفتح الطريق أمام دعوات التهدئة لتأتي مفعولها من أجل العودة الى طاولة الحوار ، وهو حوار نريده مفضيا الى حلول وليس حوار من أجل الحوار " .
واوضح سماحته انه " من دون توفر النوايا الجادة لحل الأزمة لن نصل إلى حلول بل سنزيد من الأزمة ونوسع رقعتها ، لذلك قبل الدخول بأي حوار علينا أن نعزم في أنفسنا أننا ماضون لحل الازمة وليس إلى تعقيدها أكثر " .
وقال السيد عمار الحكيم " ندعو انفسنا وندعوكم جميعا ان نعمل كل ما بوسعنا لتهيئة الارضية المناسبة في مساحات تاثيرنا لهذا الحوار وللحلول التي يمكن ان تسفر عنها الحوارات " .
وشدد سماحته قائلا " نحن بحاجة الى ميثاق يتفق عليه الجميع نتفق فيه على جملة المباديء التي تضمن للجميع حقوقهم " .
وقال رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم في كلمته بالاجتماع الرمزي لكافة القوى السياسية والاوقاف الدينية " ان اجتماعنا هذا لن يصدر بيانا او وثيقة شرف او معاهدة او اتفاقا ، وانما سيصدر كلمة شرف من قادة ومسؤولين يحملون الوطن في قلوبهم اسما ومعنا ويقودون شعبهم للمستقبل على الرغم من كل المعوقات ورغم نزيف الجراحات وكل التدخلات ، وكلمة الشرف التي نصدرها اليوم بأجتماعنا هذا هي :
١. ان يكون الاختلاف تحت سقف الدستور .
٢. وان يكون التقاطع ضمن حدود الوطن .
٣. والتاكيد على حرمة الدم العراقي وحمايته .
٤. ونبذ الارهاب والطائفية والعنصرية ومظاهر الخروج عن القانون .
٥. وضرورة تقديم التنازلات المتبادلة بين الاطراف .
٦. وابقاء قنوات الاتصال والتواصل مفتوحة دائما .
وختم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم كلمته بالقول " التاريخ سيسجل هذه الوقفة وهذا الاجتماع في صفحاته البيضاء ، بوركتم وبوركت جهودكم وحما الله العراق من كل سوء وحما شعبه الابي المعطاء من كل شر وحماكم رموزا وقادة لشعبكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " .
وكان رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم قد اطلق خلال احتفالية بمناسبة ذكرى مولد امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب {ع} ، ومن منطلق وطني وفي اطار رؤية سماحته لاوضاع البلاد ومستقبلها ، اطلق مبادرة دعا فيها كافة القوى السياسية الوطنية والاوقاف الدينية لطمانة الشعب وتهدئة الاوضاع العامة في البلاد .
يشار الى ان الكتل السياسية كافة كانت قد رحبت بدعوة السيد عمار الحكيم لعقد اجتماع رمزي ينبذ الطائفية ويطمئن الشعب وابدت استعدادها لحضوره لايجاد حلول جذرية ومناسبة لكافة المشكلات والخلافات السياسية التي القت بضلالها على مختلف مجالات الحياة في البلاد .
الى ذلك اعلن المجلس الاعلى الاسلامي العراقي حضور جميع المدعوين من قادة سياسيين ورئاسات الجمهورية ومجلسي الوزراء والنواب ورؤساء الكتل والاوقاف الدينية والشخصيات والاقليات الى هذا الاجتماع الرمزي المهم .