وقال المالكي في كلمة ألقاها في مؤتمر القمة الثاني للدول المصدرة للغاز المنعقد في روسيا: ان العراق عُرف بأنه بلد منتج ومصدر للنفط الخام منذ ثمانين عاماً وفي عاصمته بغداد ولدت عام ١٩٦٠ منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك) لم يحتل الغاز في العراق موقعاً مهماً كالذي احتله النفط رغم إن الغاز قد عرف في بلاد الرافدين منذ قرابة أربعة الآف سنة حينما أتقدت شعلة الغاز الطبيعي في منطقة بابا كركر ضمن مدينة كركوك فسميت بالنار الأزلية.
واضاف: ان الشركات النفطية العالمية في العراق لم تعطي سابقاً أي اهتمام يذكر بالغاز لذلك كان معظم الغاز المصاحب للنفط يحرق هدراً، هذا بالإضافة إلى عدم استهداف الغاز في عمليات الاستكشاف بل كان الاكتشاف الغازي يعد خسارة لذلك مارست تلكم الشركات عمليات غلق الآبار التي تكتشف غازاً، ولم يحدث تغيير ملموس في استثمار الغاز إلا بعد تأميم النفط في العراق حيث نفذت مشاريع كبيرة لاستثمار الغاز أدت إلى تقليص حرقة، واستطاع العراق أن يصدر الغاز الى دولة الكويت الشقيقة لعدة سنوات خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي، إلا إن تلك المشاريع لم تشهد التوسعات المخططة بسبب سياسات الحروب التي زج بها العراق وما تلاها من حصار الأمر الذي أدى إلى استمرار حرق الغاز بكميات كبيرة في وقت تمس فيه الحاجة إليه سواء في توليد الكهرباء أو في المشاريع الصناعية.
وبين المالكي: أن الاحتياطيات الغازية المثبتة في العراق بلغت ١١٢ ترليون قدم مكعب قياسي اي ما يعادل (٣,٤) ترليون متر مكعب محتلاً المرتبة الثانية عشر في العالم وذلك قبل الدخول في تطوير قطاع النفط والغاز عام ٢٠٠٩.
وتابع: ان حكومة جمهورية العراق باشرت بتنفيذ برنامج واسع وطموح لتطوير قطاع النفط والغاز في العراق وفتحنا أبواب التعاون مع كبرى الشركات العالمية وأتخذنا كافة الإجراءات لإيقاف حرق الغاز لتعظيم الاستفادة منه. وقد نتجت عن تنفيذ هذا البرنامج خلال السنتين (٢٠١١-٢٠١٢) زيادة كبيرة في الاحتياطي النفطي المثبت ليبلغ أكثر من ١٥٠ مليار برميل من النفط رافقته زيادة كبيرة أخرى في احتياطيات الغاز جراء عمليات الاستكشاف والتطوير في عموم العراق أدت إلى مضاعفة الاحتياطي السابق.
واضاف: الآن وبعد أن قطع العراق شوطاً كبيراً على طريق بناء النظام الديمقراطي وسيادة القانون فقد صار يولي اهتماماً متزايداً لتنمية الاقتصاد وتنويع مصادره وتحسين بيئة العمل وتحفيز الاستثمار والتي من ضمن متطلباتها تنفيذ برامج للإصلاح الاقتصادي والتشريعي وتحديث القطاع العام. ويندرج في هذا السياق ايلاء اهتمام بالتخطيط الاستراتيجي حيث أطلقت حكومة العراق قبل أيام الإستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة والتي أعطت اهتماماً كبيراً للغاز أسوة بالنفط وبقية القطاعات الفرعية.
وقال المالكي: إن التوجهات الإستراتيجية الرئيسية لحكومة جمهورية العراق في قطاع الغاز هي على النحو الآتي: -
١. تعظيم احتياطيات الغاز في العراق عموماً والغاز الحر خصوصاً من خلال استكشاف المناطق ذات الاحتمالات الواعدة، وقد أطلقنا هذا العام جولة تراخيص خامسة تستهدف استكشاف الغاز في مناطق مختلفة من العراق وفق شروط وترتيبات محفزة للمستثمرين تمكنهم من التطوير المباشر للاكتشافات التجارية، وتشير أحدث الدراسات إلى إمكانية
مضاعفة احتياطيات الغاز الحالية نظراً لما يحتويه من احتياطيات محتملة تقدر بحوالي ١٧٠ ترليون قدم مكعب قياسي.
٢. سينتج عن تطوير طاقة إنتاج النفط الخام وفق السيناريو المتوسط والمفضل البالغ (٩,٠) مليون ب/ي طاقة إنتاج من الغاز المصاحب تتراوح ما بين ٦ - ٧ مليون قدم مكعب قياسي يومياً حيث تتنبأ مؤسسات دولية كالوكالة الدولية للطاقة بنمو سنوي لإنتاج الغاز في العراق قد يصل إلى ١٠% كحد ادنى وهو يعتبر أعلى معدل نمو بين كل البلدان المنتجة للغاز. إن الطاقة المذكورة لإنتاج الغاز تفوق حاجة الاستخدامات المحلية وهنالك التزام لدى الدولة باستثمار الغاز المصاحب المنتج من خلال تشييد البنى التحتية والمؤسسية اللازمة لتجميع ومعالجة الغاز وفصله ونقله إلى مراكز الاستهلاك وقد بوشر بالفعل بتنفيذ هذا الالتزام، ومن المخطط أن تستكمل منشآت معالجة الغاز عام ٢٠١٥ وبذلك ستتوفر طاقة معالجة تفوق طاقة الإنتاج ويتقلص بدرجة كبيرة جداً حرق الغاز.
٣. تطوير واستثمار حقول الغاز الحر المكتشفة سابقاً بطاقة ٨٢٠ مليون قدم مكعب قياسي حيث تم توقيع عقود مع ثلاث شركات / ائتلافات عالمية.
٤. تلبية الاحتياجات المحلية من الغاز سواء كانت وقوداً لإنتاج الكهرباء وتشغيل المصانع أم مواداً مغذية لصناعة البتروكيمياويات والأسمدة.
٥. التفكير الجدي بإطلاق مشروع لتصدير الغاز أو أكثر للدول المجاورة أو حتى أوربا سواء بالأنابيب أو على هيئة غاز مسال من مرفأ يشيد في الخليج جنوب البصرة. وإن الإجراءات حثيثة لتنفيذ أنبوب لتصدير الغاز مع أنبوب النفط الموجه للتصدير عبر المملكة الأردنية الهاشمية ونتوقع إحالة المشروع إلى المستثمرين نهاية هذا العام.
٦. تصدير السوائل الغازية التي ستفيض بكميات كبيرة عن حاجة السوق المحلية.
واشار المالكي: انه بناء على ما تقدم فأن من أولويات سياسة الطاقة في العراق هو الاهتمام بالغاز كونه ثروة وطنية ووقوداً نظيفاً صديقاً للبيئة ويشكل مصدراً متعاظم الأهمية في توليد الكهرباء وقيام صناعات إستراتيجية للعراق كالبتروكيمياويات والأسمدة بالإضافة إلى توفير قيمة مضافة من خلال تصديره إلى الأسواق العالمية.
واضاف: إن تطوير مصادر الطاقة من نفط وغاز وتصنيعهما وتصديرهما كمواد خام أو على شكل منتجات نفطية وغازية ستعزز من مكانة العراق وتجعله لاعباً رئيسياً في أسواق الطاقة العالمية.
ولفت الى: إن رؤية جمهورية العراق تتطابق ورؤية منتدى الدول المصّدرة للغاز ونحن نتشارك معكم بتقديرنا للأهمية المتزايدة للغاز ونحمل ذات الرغبة في المشاركة بضمان الإمدادات وتحقيق استقرار أسواق العالم كما نعطي اهتماماً متزايداً للمبادرات البيئية والتقدم العلمي والتكنولوجي وتبادل الخبرات بين الدول.