أكد رئيس الوزراء نوري المالكي، الاثنين، أن قرارات وأحكام المحكمة الاتحادية العليا واضحة وقطعية وغير قابلة للتمييز وأن الهيئات المستقلة ستعمل بقوانينها من دون تغيير مع بقاء استقلاليتها مصانة ومحترمة، داعيا مجلس النواب إلى تشريع قوانين تساند الدولة في الحفاظ على المصالح العامة، وبناء مؤسسات بعيدة عن الفساد والرشوة.
وقال المالكي خلال استقباله رؤساء الهيئات المستقلة اليوم، وحضرته "السومرية نيوز"، إنه "لا يجد حالة من القلق على عمل الهيئات المستقلة"، مؤكداً أنها "مستقلة من خلال القوانين التي تعمل بها".
وأضاف رئيس الوزراء أن "الوقت قد حان لمناقشة سلم أولويات بناء الدولة على أسس واضحة وسليمة تستند إلى الدستور"، مبينا أن "المرحلة السابقة كانت مرحلة التحديات الأمنية، وكنا منشغلين عن بناء الدولة الحديثة، وهذا أمر طبيعي لأن التوجه يكون نحو الأهم والأخطر".
وأشار المالكي إلى أن "الفرصة المناسبة قد حصلت لأن ننطلق في عملية البناء في مختلف المجالات على قدر ما تحقق من الاستقرار الأمني والسياسي والنضج في العملية السياسية ودخول الشركاء جميعا في دائرة المسؤولية والشراكة في كل شيء، والتطور الذي يحصل في كل يوم على الرغم من بعض الاختراقات".
وشدد المالكي على "ضرورة استثمار كل الفرص والإنجازات التي تحققت حتى نبني دولة مستقرة قائمة على الوضوح والقانون والدستور، وعلينا أيضا أن نستثمر الطاقات والكفاءات والعلاقات الإيجابية على مستوى المكونات أو مع الدول الأخرى"، داعياً إلى "تعزيز دور المواطن من خلال وجوده في جميع المجالات وصوته في الانتخابات وغيرها".
وأوضح رئيس الوزراء أن "مهاماً كثيرة أمامنا في التغيير والبناء والإعمار وتوفير الخدمات وفرص العمل والقضاء على البطالة التي تعد من أهم الأمور التي نتجه إليها، والتي ينصب فيها جهد الحكومة باتجاه شريحة الفقراء خصوصا في مناطق الأرياف، ورفع مستوى العطاء في مجالات الزراعة والصناعة وغيرها"، لافتا إلى أن "مقومات بناء الدولة تحتاج إلى قوة أمنية تحميها وتحافظ عليها".
ولفت المالكي إلى أن "مبدأ الشراكة الذي أطلقناه، هو مفهوم الشراكة الذي يستند إلى الدستور"، مؤكدا "الحاجة إلى خطوات متقدمة في مجال هيكلية الدولة وبنائها حتى لا تبقى أية ثغرة لمن يريد التسلل وخلق المشاكل هنا وهناك".
ودعا المالكي أيضاً إلى "متابعة عمل مؤسسات الدولة والخدمات والاقتصاد والكهرباء والطاقة وغيرها من المجالات، وهذه الأمور لا تتحقق فيها النجاحات إلا بوجود مؤسسات متقنة وقوية"، معتبراً أنه "مطلوب تطوير ما تم إنجازه من خلال مؤسسات ودوائر تعتمد المهنية والكفاءة والإخلاص وتتكامل في عملها مع المؤسسات الأخرى".
وتابع رئيس الوزراء "من خلال مسؤولياتي الدستورية وبصفتي المسؤول التنفيذي المباشر أجد تقاطعا في عمل دوائر ومؤسسات الدولة، لذلك نسعى إلى إيجاد منظومة قانونية منسقة ومتكاملة، وبناء المؤسسات على أسس صحيحة بعيداً عن الفساد والرشوة والطرق غير القانونية والمشروعة"، مشدداً على "أهمية إيضاح العلاقات بين جميع دوائر الدولة".
وأضاف رئيس الوزراء "لا نريد أن نؤثر على استقلالية هذه الهيئات ما دامت تستند إلى قانون في عملها"، داعياً "مجلس النواب أن يقوم بتشريعات تساندنا في الحفاظ على مصلحة الدولة".
وأشار إلى أن "لقاء اليوم مع المسؤولين على الهيئات المستقلة هو لتوضيح الصورة أمام الجميع وحتى تكون بعيدة عن التسييس"، مؤكدًا أن "قرارات وأحكام المحكمة الاتحادية تتم بموجب الدستور وهي واضحة وقطعية وغير قابلة للتمييز".
وذكر المالكي أن "هذه الهيئات ستعمل بقوانينها من دون تغيير"، مشيراً إلى أن "استقلاليتها ستبقى مصانة ومحترمة لأننا دولة دستور ومؤسسات وقانون".
وكانت المحكمة الاتحادية العليا أصدرت قرارا، في ١٨ كانون الثاني الجاري، يقضي بارتباط الهيئات المستقلة المشار إليها في الدستور العراقي برئاسة الوزراء مباشرة، وليس برئاسة مجلس النواب.
وقد تضمن الفصل الرابع من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥، الهيئات المستقلة ضمن المواد من (١٠٢ - ١٠٨) وعد الدستور في المادة (١٠٢) كل من المفوضية العليا لحقوق الإنسان، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة، هيئات مستقلة تخضع في عملها لرقابة مجلس النواب، وبذلك ترتبط هذه الهيئات بأعلى مرجع تشريعي في الدستور العراقي، ويتم تنظيم أعمالها بقانون يصدر عن مجلس النواب.
ولاقى قرار المحكمة الاتحادية ردود أفعال من قبل الكتل السياسية حيث وصف التحالف الكردستاني، في الـ٢٠ من الشهر الحالي، قرار المحكمة الاتحادية بـ"غير الناجح"، معتبراً أنه سينتقص من استقلالية عمل هذه الهيئات، كما اعتبرت القائمة العراقية على لسان المتحدث باسمها حيدر الملا أن القرار يشكل انقلاباً على الدستور، مطالبة رئاسة مجلس النواب وقادة الكتل السياسية باتخاذ موقف حازم تجاه حماية الديمقراطية في العراق.
وأكد مجلس القضاء الأعلى على لسان المتحدث باسمه عبد الستار البيرقدار في حديث لـ "السومرية نيوز"، الأسبوع الماضي، أن قرارات المحكمة ملزمة من قبل جميع السلطات ولا يجوز الطعن بأي قرار من قراراتها أو حل المحكمة وإعادة تعيين أشخاص آخرين، لافتا إلى أن كل جهة تنظر إلى أي قرار يصدر من المحكمة الاتحادية من زاوية مصالحها الحزبية أو الشخصية.
ونص قانون وضع عام ٢٠٠٤ من قبل الحاكم المدني الأمريكي على العراق بول بريمر على استقلالية البنك المركزي، ومنح القانون البنك مهمة ضمان استقرار الأسعار في الداخل وبناء نظام مالي مستقر وتنافسي ويستند إلى السوق بهدف تعزيز النمو المستدام والتوظيف والرفاه في العراق.
يذكر أن الدستور العراقي يشير في بابه الرابع تحت عنوان (الهيئات المستقلة) إلى عدد من الهيئات والأجهزة، كديوان الرقابة المالية، وهيئة الإعلام والاتصالات، والهيئة الوطنية لاجتثاث البعث، التي حلت محلها الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة، كما حدد الدستور طبيعة علاقتها بمجلس النواب أو بمجلس الوزراء.