طالبت الجالية العراقية المقيمة في القاهرة امس الاثنين، حكومة المالكي التدخل بسرعة لانقاذهم من الفوضى التي تعم المدن المصرية منذ اسبوع، داعين السفارة العراقية الى تسهيل عودتهم الى ارض الوطن الذي "بات افضل" حسب تعبيرهم.
وفيما اشتكى بعض العراقيين المحاصرين في مطار القاهرة من قلة الرحلات التي تسيرها الخطوط الجوية العراقية، ابدت عراقيات خشيتهن من عدم السماح باصطحاب اطفالهن ممن لا يملكون جوازات سفر.
ومنذ اسبوع تقريبا اندلعت موجة احتجاجات واسعة في عموم المحافظات المصرية مطالبة باسقاط نظام الرئيس حسني مبارك، فيما قام مجهولون باضرام النيران بمئات من مراكز الامن والمحال التجارية وترويع الامنين في الاحياء السكنية.
وفضل عشرات الآلاف من العراقيين اللجوء الى مصر هربا من اعمال العنف التي شهدها العراق في اعقاب ٢٠٠٣، ويقطن اغلبهم في مناطق راقية في القاهرة كمدينة نصر و٦ اكتوبر .
وفي اتصالات هاتفية بوسائل اعلام محلية، نقل عدد من العراقيين بعض المشاكل التي تواجههم في البقاء بمصر او العودة للعراق، مشيرين الى حالة قلق وارباك يعيشونها نتيجة تواصل الاحتجاجات في العديد من المدن المصرية .
يقول عبد الله سعد (٣٩ عاما) الذي يقطن حي المهندسين بالقاهرة لـ "أصوات العراق" انه "مع الأحداث السياسية والمظاهرات التي تعصف بمصر والتدهور الأمني الذي يرافقها خصوصا الاعتداء على الأملاك الخاصة في ظل غياب الأمن، تولدت لدينا رغبة قوية بالعودة الى العراق".
ويضيف سعد، الذي توجه مع عائلته إلى مصر عام ٢٠٠٦ اثر العنف الطائفي الذي شهده العراق "نحن نحاول العودة لأن أوضاع العراق ستكون افضل من مصر على المدى القريب، فنحن هنا نشعر بالخوف مع غموض مستقبل الأوضاع".
ويؤكد أن "قطاع الطرق ينتشرون في عدد من أحياء وشوارع القاهرة، ويقومون بإيقاف اي سيارة تحمل عائلة ويسرقون ما يحملونه من اموال وحاجيات، وهناك حالات اعتداء على منازل، رغم انتشار الجيش، لكن الجيش لا يمكنه السيطرة على كل شارع".
وتبدي عائلة سعد خشيتها من التوجه للمطار "تحسبا من تعرضها لأي اعتداء من العصابات، التي تحمل الات جارحة تتمثل بسكاكين كبيرة وسيوف"، لكنها في ذات الوقت تخشى البقاء في شقتها "خوفا من تعرضها الى اعتداءات".
بدورها تقول آمنة ياسر (٢٧ عاما) "انها تريد العودة الى العراق لكنها لا تستطيع فعل ذلك، لأن ابنها الرضيع لا يملك جواز سفر ، رغم انها قدمت الأوراق للحصول عليه".
وبينت أنها "تخشى عدم السماح لابنها الرضيع بمغادرة مصر لعدم امتلاكه جواز سفر". وتناشد المسؤولين العراقيين "للتدخل وإيجاد حل سريع لمشكلتها ومشكلة الكثير من العوائل التي لديها معوقات تتعلق بالأوراق والمستمسكات الرسمية".
الى ذلك يقول محمود حسين (٤٥ عاما) ان "مئات العوائل العراقية والطلبة العراقيين الدراسيين في مصر، متجمعون في مطار القاهرة بانتظار طائرات العودة الى العراق والتي امر بتوفيرها رئيس الوزراء نوري المالكي".
واوضح ان "أول طائرة أقلعت أمس (الاحد) في الساعة الثامنة بتوقيت القاهرة والتاسعة بتوقيت بغداد، واقلت عددا من العراقيين وهناك اعداد كثيرة بانتظار التمكن من العودة الى الوطن"، معربا عن أمله بـ"زيادة عدد الرحلات العائدة الى العراق".
واشار الى ان "عدد من العراقيين ذوي الدخل المحدود وممن يعيشون في الأحياء الشعبية والعشوائية لا يملكون الأموال الكافية حتى للوصول الى المطار ويرغبون بالعودة خوفا من تدهور الأوضاع الأمنية أكثر".
في السياق نفسه، ناشد العديد من الطلبة العراقيين الدارسين في مصر، السفارة العراقية والمسؤولين بتسهيل مهمة عودتهم الى العراق، خصوصا ان قسما منهم لا يحملون معهم جوازات سفرهم الموجودة في السفارة العراقية بمصر لإجراءات تتعلق بالإقامة.
وعلق، طالب دراسات عليا ، على الاحداث التي تشهدها مصر، قائلا "انها فوضى تذكرنا ببغداد أيام الاحتلال الاولى وان كانت الأمور افضل في مصر لأنها لم تشهد حربا كما حصل في العراق".
واضاف، متحدثا من المطار ومفضلا عدم ذكر اسمه، "غامرنا بعض الشيء حين توجهنا من منطقة اقامتنا وسط القاهرة الى المطار، فقد سمعنا بوقوع حوادث فلا احد يتوقع ما ينتظره خاصة على هذا الطريق حيث ان هناك عصابات وبلطجية يظهرون فجأة ويجبرونك على دفع ما تملكه من مال أو ما تحمله من حاجيات". واستدرك "لكنني عموما مع صديقين اخرين وصلت الى المطار دون مشاكل رغم الخوف الذي انتابنا والارتباك".
وعلق زميله على اليوم الاول والثاني للاحداث، قائلا "قلقنا كثيرا وخشينا تدهور كامل للأوضاع بعد حرق مراكز الشرطة وبعض الاسواق، لكن الحمد لله الامور تحسنت نسبيا بعدها ونتمنى ان تستقر سريعا لمتابعة دراستنا".
واستطرد بلغة مازحة "هربنا من العنف في العراق، فعائلتي فضلت ان ادرس في مصر على الدراسة في بغداد التي ضيعت سنتين دراسيتين فيها، ولكن العنف لم يتركنا فطاردنا الى القاهرة واخشى ان تطول حالة عدم الاستقرار لأخسر سنة دراسية في مصر".
وكانت أول طائرة قادمة من مصر وصلت إلى العاصمة بغداد الأحد وعلى متنها العشرات من العراقيين وجنسيات عربية أخرى. وذكرت مصادر حكومية ان العراق ارسل عدة طائرات تابعة للخطوط الجوية لاعادة العراقيين الراغبين بالعودة الى البلاد.
وكان مصدر في السفارة العراقية بالقاهرة قد ذكر السبت، إن أوضاع الجالية العراقية في مصر مستقرة ولم يتعرض أي من أفرادها لحادث حتى الآن، مبينا أن الرحلات الجوية إلى العراق متوافرة والسفارة على استعداد لتسهيل عودة الراغبين منهم بالعودة لوطنهم، داعيا أفراد الجالية الى "عدم الخروج لمناطق بعيدة عن محال سكناهم".