وفي وقت أكد نواب من الكتلتين أنهم لن يخوضوا في أسباب او نتائج صدور البيانين، كشف مصدر سياسي مطلع أن أعضاء دولة القانون محرجون للغاية من النص الذي كتبه مكتب المالكي ضد الصدر، في حين منع التيار الصدري اتباعه من التظاهر ودعاهم إلى "الصبر".
واتهم رئيس الحكومة، في بيان عن مكتبه امس الأول، زعيم التيار الصدري بـ"تجاوز حدود الأدب"، مذكراً إياه بـ"المحاكم الشرعية التي نصبها للعراقيين، والمشاركة في الفتنة الطائفية"، وهدده بـ"رد أعنف".
وكان المالكي يرد على بيان سابق للصدر، قال فيه إن "رئيس الحكومة استغاث بواشنطن التي أوصلت البلاد إلى قعر الهاوية"، مكرراً وصفه لأميركا بـ"الشيطان الأكبر".
ومن جملة الاتهامات التي حملها الصدر في البيان أن المالكي "ذهب لاستجداء سلاح من أميركا وأن زيارته كلفت ملايين الدولارات وأنه ذهب إلى واشنطن دون اذن من البرلمان".
وحاولت "العالم" سؤال نواب من دولة القانون والتيار الصدري عما قد تؤدي إليه العلاقة بين الطرفين على خلفية التوتر الحاصل بينهما، ووصوله إلى اصدار بيانات بلغة هجومية غير مسبوقة، لكن غالبية النواب امتنعوا عن الرد، وأكد بعضهم أن "الوضع لا يسمح بمزيد من التوتر، ومن الأفضل غلق هذا الملف في الوقت الراهن".
وقال، علي العلاق، عضو ائتلاف دولة القانون، لـ"العالم"، إن "بيان المالكي موضوع مغلق بالنسبة لنا، ولن نعلق عليه، في وقت هناك حاجة ماسة إلى التهدئة".
وأضاف العلاق، "الصدر كان أصدر بياناً، تحدث فيه عن بعض القضايا التي تخص زيارة واشنطن، وقد رد عليه المالكي ببيان (...) هذا كل ما في الأمر ولن نعلق عليه".
وفي هذا السياق، أكد مصدر سياسي مطلع، لـ"العالم"، أن "بيان رئيس الحكومة بشأن مقتدى الصدر صدم زعامات في التحالف الوطني، ووضع كتلة دولة القانون في وضع محرج للغاية".
وقال المصدر، "بادر أعضاء من ائتلاف دولة القانون إلى الاتصال بزملاء لهم في مجلس النواب من كتلة الأحرار، في محاولة لتبرير البيان، أو اقناعهم بأن ما جاء فيه لا يمثل وجهة نظر الائتلاف، الذي يرغب في إحلال التهدئة السياسية، وتجنيب العملية السياسية المزيد من الاحتقان".
وتابع المصدر، "حتى مقربين من مكتب المالكي تلقوا اتصالات من أعضاء بارزين في ائتلاف دولة القانون تستفسر عن مبرر اللغة الهجومية التي كتب فيها البيان، وأخبروهم بأن الوضع من مقتدى الصدر قد يتأزم أكثر، وقد يخسر الائتلاف الكثير على مستوى الشارع العراقي".
وعلى الرغم من سعي نواب الكتلتين إلى النأي عن بيان زعيميهما، ألمح التيار الصدري إلى أنه يشعر بالضغط بسبب رغبة "مريدي الصدر واتباعه" التظاهر ضد ما وصفوها "إساءات" بحق زعيمهم.
وقال ضياء الأسدي، رئيس كتلة الأحرار في البرلمان العراقي، في بيان نشره موقع مكتب الشهيد الصدر ظهر امس، واطلعت عليه "العالم"، إنه "في كل مرة يتعرض فيها المتعرضون الى شخص سماحة السيد القائد مقتدى الصدر ينتفض أخوته وأحباؤه واتباعه ومريدوه وتبلغ قلوبهم الحناجر غصةً وغيظاً وألما. و يتساءلون أنسكت؟ أنتحمل كل هذه الإساءات؟ أهذا جزاء من يقول الحق ومن يقف معه؟ أهذا جزاء من يدافع عن الفقراء وعن مقدرات العراق؟ أهذا جزاء من يكاشف إخوانه وينتقد عملهم ويطالبهم باحترام الحقوق وأداء الواجبات وحفظ الأمانات؟".
وتابع الأسدي، "تتملكهم أزٍمَةُ الثورة وتجيش بهم مشاعر الرفض والاحتجاج و يتداعون الى الانتفاض يوقفهم حلم آل الصدر. وتمنعهم أخلاق آل الصدر. فيأتيهم الجواب من مقتدى الصدر أن اصبروا وصابروا ورابطوا. وادفعوا بالحسنة السيئة".
ومضى الأسدي إلى القول، "حافظوا على استقرار البلد وادرأوا الفتنة وجادلوا بالتي هي أحسن. فقد رأى علي عليه السلام أن السكوت أحجى وأن الصبر على (طخية عمياء) أجدى من (الصولة بيد جذاء)".
وتوقع واثق الهاشمي، الاكاديمي العراقي المتخصص في العلوم السياسية، أن "يستمر الوضع بين المالكي والصدر لفترة طويلة، وإلى حين حسم الصراع بشكل شبه نهائي في انتخابات برلمان ٢٠١٤".
وقال الهاشمي، لـ"العالم"، إن "التحالف الوطني ضحية هذا الصراع الذي بدأت جذوره في العام ٢٠٠٨، وأن مصير هذا التحالف سينتهي قريباً إلى التفكك"، متوقعاً "ظهور ائتلافات جديدة تظهر من بقايا التحالف الوطني، وسيكون أحدها ائتلافاً قوياً يقوده التيار الصدري الذي ربما سيتحالف مع المجلس الإسلامي الأعلى".
وتابع الهاشمي، "كل فريق لديه خطوط حمراء ضد الآخر، والمرجح أن تزداد الفجوة بينهما خلال المستقبل".
إلى ذلك، أكد مصدر سياسي مطلع أن تكون دوافع بيان المالكي الأخير بشان الصدر "انزعاجه من تلميحات الصدر عن ولاء المالكي لأميركا"، التي يصفها الصدريون بـ"الشيطان الأكبر".
ورفعت اللغة الهجومية المثيرة التي استعملها المالكي في بيانه، من التكهنات بدوافع رئيس الحكومة ضد الصدر، والتي قد يكون من بينها رغبته في "محاولته بعث رسالة للبيت الأبيض، بأن الصدر ليس مؤهلا ومناسباً لأن يحظى بدعم خارجي"، على ما يقول مصدر سياسي شيعي لـ"العالم".