أعلنت عشيرة السواعد في البصرة التي ينتمي لها الشاب الذي فارق الحياة خلال اجراء عملية جراحية تجميلية له في أحد المستشفيات الأهلية في المحافظة عن تشكيل وزارة الصحة لجنة للتحقيق في ملابسات الوفاة، فيما اتهمت عائلة المتوفي الجراح الاستشاري الذي أجرى العملية بارتكاب خطأ طبي، وبينت انها لا تسعى الى قتله أو إيذاء أفراد أسرته، وإن عبارات التهديد التي تم خطها بالدهان على عيادته ومنزله جاءت كرد فعل على تجاهله لها.
وقال الشيخ العام لعشيرة السواعد محمد صوب الله الساعدي، إن "الجراح نزار المحفوظ أخطأ حين تجاهل عائلة الشاب صدام الساعدي بعد وفاته بسبب العملية التي أجراها له، إذ كان المفترض أن يلقي بهم ويشرح لهم ملابسات ما جرى، لا أن يوقع شهادة الوفاة ويغادر المحافظة"، مبيناً أن "عبارات التهديد التي تم خطها بالدهان الأحمر على سياج بيت المحفوظ وباب عيادته قام بها مراهقون من ذوي المتوفي في لحظة غضب وانفعال، وهو تصرف نرفضه تماماً، وقد نجحنا في احراز تقدم باتجاه تهدئة النفوس، وذلك تمهيداً لحل المشكلة التي ما كانت لتحدث بالأساس لو أن المحفوظ تصرف بشكل أفضل".
ولفت الساعدي الى أن "عبارات التهديد سوف يتم شطبها، كما طلبنا من أسرة الجراح العودة الى منزلها دون أي خوف"، مضيفاً أن "عشيرتنا وافقت على هدنة (عطوة) طلبها معاون المحافظ عرب الجزائري نيابة عن عشيرة الغانم التي ينتمي لها المحفوظ، وبعد ذلك يفترض عقد جلسة عشائرية بهدف التوصل الى صلح نهائي".
بدوره، قال نجل الشيخ العام لعشيرة السواعد باسم محمد صوب الله، إن "لجنة تحقيقية طبية أمر بتشكيلها المفتش العام في وزارة الصحة لغرض الوقوف على ملابسات العملية الجراحية التي أدت الى الوفاة"، موضحاً أن "اللجنة من المقرر أن تصل غداً الى البصرة لتباشر أعمالها، وليس من المستبعد إخراج الجثة لاعادة تشريحها".
وأشار صوب الله الى أن "من المؤكد أن أي طبيب يسعى لشفاء مرضاه ولا يريد الموت لهم، ولكن الأخطاء الطبية تحصل أحياناً، ونزار المحفوظ هو جراح بارع يتمتع بشهرة واسعة لكنه لم يحسن التصرف مع ذوي المتوفي".
من جانبه، قال الأخ الكبير للمريض الذي فارق الحياة محمد الساعدي، إن "عشيرتنا ليس من قيمها الاعتداء على الآخرين، ولا أحد منا يسعى لقتل المحفوظ أو إيذاء أفراد أسرته"، مبيناً أن "شهادة الوفاة تفيد بأن شقيقنا فارق الحياة بسبب عجز رئوي، وهو أمر غريب، إذ انه لم يكن يعاني من أي مشاكل في جهازه التنفسي، ولا يشكو من أي مرض، والعملية التي أجريت له بكلفة ١٦ مليون دينار هي عملية تجميلية لغرض التنحيف، وليست لزراعة قلب".
وأوضح شقيق المتوفي أن "العملية التي كان يفترض أن تستغرق نصف ساعة تطلبت خمس ساعات، ثم أعقبتها بعد أيام قليلة عملية جراحية أخرى تهدف الى معالجة الخطأ الطبي الذي نعتقد انه حصل عند اجراء العملية الأولى"، مضيفاً أن "شقيقنا مات سريرياً عقب اجراء العملية الثانية ولم نبلغ بذلك إلا في اليوم التالي، ولم نعلم بمفارقته الحياة إلا عندما شاهدنا قوة من الشرطة وهي تطوق المستشفى، ولما أردنا الحصول على الجثة قالوا لنا انها موضوعة في سيارة إسعاف خارج المستشفى، وفي أثناء كل ذلك توارى المحفوظ عن الأنظار، ولم يحضر مجلس الفاتحة، ولم يتصل بأحدنا، وبعد مرور خمسة أيام أثار تجاهله لنا استياء أحدنا فقام بكتابة عبارة (مطلوب دم) على سياج منزله وباب عيادته".
ودعا شقيق المتوفي نقابة الأطباء ودائرة الصحة في المحافظة الى "التعامل بمهنية مع مثل هكذا حالات لأن أرواح المواطنين ليست رخيصة، حيث ينبغي أن تدقق وتتابع التفاصيل، ومن ثم تحاسب إذا توصلت الى وجود تقصير، ولو كانت دائرة الصحة أو نقابة الأطباء بذلت جهداً بهذا الاتجاه لما كانت هناك تهديدات إنفعالية فردية".
وكان الجراح الاستشاري نزار المحفوظ الذي يعد أحد أبرز الجراحين وأكثرهم شهرة في محافظة البصرة أبدى أسفه لوفاة المريض من خلال منشور نشره ضمن حسابه في موقع (فيسبوك)، وأشار فيه الى أن "العمليات الجراحية المعقدة تحمل مضاعفات إجبارية مهما بلغ مستوى حرص الفريق الطبي، والمريض الذي فقدناه للأسف في أحد المستشفيات الأهلية فارق الحياة نتيجة خثرة رئوية كبيرة، وليس للجراح ولا المخدر ولا أطباء الباطنية حول ولا قوة في علاجها"، مضيفاً أن "ممثلين عن إدارة المستشفى ذهبوا الى ذوي المريض لاطلاعهم على أسباب الوفاة، ولكن ما من معتبر".
المحفوظ الذي انقطع عن العمل في عيادته، ولم يعد يتواجد في منزله الذي غادره مضطراً مع أفراد أسرته، جاء أيضاً في منشوره "منذ ٢٥ عاماً وأنا أدرب الأطباء المقيمين الأقدمين وطلاب الدراسات العليا في كلية الطب على مهارات الجراحة الحديثة، وأقول لهم إن الجراحة هي علم وفن، والجراح كالجندي الذي يذهب الى ساحة معركة، فأما أن يعود سالماً أو مصاباً أو ميتاً".
يشار الى أن مديرية الشرطة في المحافظة أفادت في بيان لها تلقت "شبكة فدكـ" نسخة منه بأن "اجراءات مشددة تم اتخاذها لحماية بيت المحفوظ وعيادته الخاصة، وان قوات الشرطة على استعداد تام لتوفير الحماية له، وإلقاء القبض على كل من تسول له نفسه الإخلال بالوضع الأمني وزعزعة الاستقرار"، مؤكدة أن "المحفوظ غير متواجد في بيته، ولا تتوفر معلومات عن محل اقامته الحالي، كما انه لم يسجل دعوى ضد الأشخاص الذين قاموا بتهديده".
