وذكر عبد المهدي في بيان تلقت "شبكة فدكـ" نسخة منه " نشرت وزارة التخطيط مؤخراً "مؤشرات سكانية" لابد من الوقوف عندها، حيث جميع هذه المؤشرات لم تعتمد احصاء وتعداد سكاني بل هي تقديرات اعتمدت تعداد ١٩٩٧، وعلى عملية "الحصر والترقيم" لعام ٢٠٠٩، لذلك قد لا تكون دقيقة تماماً.. رغم ان الكثير من ارقامها "معقولة" ومفيدة وتسمح بالكثير من الاستنتاجات، وهذه بعضها وليس كلها.
وتابع " ارتفع عدد السكان ١٩٩٧-٢٠١٦ من حوالي ٢٢ مليون الى ٣٧.٨ في ٢٠١٦ اي حوالي ١٥ مليون نسمة خلال ١٩ عاماً، بمعدل تكاثر صافي سنوي {١.٩%}، وهذه نسبة مرتفعة، وسيقود استمرارها لان يتضاعف سكان العراق خلال ٣٠عاماً.. فهل هناك استعدادات اجتماعية واقتصادية وامنية لمواجهة النتائج، ام سنحل الامر بالاعتماد على موارد النفط المتراجعة، والعشوائيات السكانية، والاقتتال الداخلي والبطالة والهجرة، الخ؟
ورأى ان " الامر المثير والذي يحتاج لاجابات واضحة، هو انخفاض عدد الاناث عن الذكور. كان عدد الاناث ١١ مليون تقريباً والذكور ١٠.٩ تقريباً في ١٩٩٧.. فانقلبت المعادلة في {٢٠١٦} ليصبح عدد الذكور ١٩.١ تقريباً، والاناث ١٨.٧ مليون تقريباً. وهذا قد يتناقض مع ارقام اخرى وردت تبين ان "توقع الحياة عند الولادة" للاناث اعلى من الذكور، فهي {%٧١.٢} و{٦٨%} على التوالي. بل ان الامر بمجمله يطرح تساؤلات عديدة لتفسير زيادة الذكور. هل السبب تراجع الحروب الداخلية والخارجية التي كانت تحصد ارواح الكثير من الذكور.. وان الارهاب واالاحداث بعد ٢٠٠٣ جعلت النساء اكثر عرضة للقتل من الرجال؟ ام هل ان المؤشرات السكانية غير دقيقة، وان عملية "الحصر والترقيم"، إن كانت تكشف عدد المساكن، لكنها لا تكشف العدد الحقيقي للاناث في الاسرة لاسباب اجتماعية او غيرها؟ او اننا امام الظاهرة التي يتكلم عنها "امين معلوف" في روايته "القرن الاول بعد بياتريس"، التي يشير الى انتشار "الجُعران الفرعوني المقدس" {الخنافس التي تعتاش على روث الجاموس والتي اعتبرها الفراعنة عنوان الحياة والخصوبة} المصنع باسمائه المختلفة او العقاقير التي يتم المتاجرة بها، والتي تشجع ولادة الذكور على حساب الاناث، في سلوكيات من التمييز اقرب لسلوكيات وأد الاناث الجاهلية، باشكالها المعاصرة في الغرب والشرق "كالانجاب الانتقائي" و"الاجهاض العنصري" و"التعقيم"؟ فاذا كانت الغلبة في الزيادات الجديدة للذكور، أفلا يناقض ذلك ارقام الملايين التي يطرحها البعض عن ارتفاع عدد العوانس والارامل، خصوصاً وان المشاهدات تشير بان ظاهرة العزوبية الذكورية ليست بذلك الانتشار، اضافة لتعدد الزوجات، وهو ليس بالامر الاستثنائي؟ باختصار الامر بحاجة لتفسير، والا هناك خلل ما، في موضوع خطير كهذا".
ونوه الى ان " الامر المقلق في الاحصاءات هو وفيات الاطفال الرضع ودون الخامسة. صحيح ان المؤشرات تشير لتراجع نسبي، لكنه يبقى عالياً. فهو ٣٠.٦ بالالف في عام ٢٠١٦، ومعدل وفيات الاطفال دون الخامسة ٣٨ بالالف في ٢٠١١.. وان معدل وفيات الامهات هو ٨٤ لكل ١٠٠الف في ٢٠٠٧. وتشير احصاءات "وكالة الاستخبارات الامريكية" ان معدل وفيات الرضع في العراق عام ٢٠٠٧ كان ٤٧.٠٤ بالاف.. مهما يكن الرقم لكنه يشير الى تدهور الرعاية الصحية للام والطفل، وهو ما يضع العراق في المرتبة ٦١ الاعلى عالمياً من حيث وفيات الرضع.. بينما هو في البحرين والكويت ولبنان بحدود ٦-٧ بالالف، ذلك دون الكلام عن مستويات عالمية تنخفض الى ١-٢ بالاف.
واضاف ان " نسبة السكان من {٠-١٤عاماً} هي ٤١.٢%، و{١٥-٤٩ عاماً}٤٩.١%، اي يشكل اقل من ٥٠عاماً اكثر من ٩٠% من السكان.. وان١٠% فقط فوق الـ٥٠ عاماً.. فالشعب العراقي شعب فتي جداً، وانطلاقاً من هذه الحقيقة يجب ان تبنى معظم الخطط والتشريعات والسياسات.. وهذه حقيقة يجب ان تعكسها مخصصات الموازنة والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والنظم التربوية والتعليمية والشبابية والانتخابية، الخ. فاين نحن من ذلك كله؟
ودعا وزارة التخطيط والجهاز المركزي للاحصاء وفرقها المختلفة ، الى ان ترتقي بالاحصائيات الى المستويات العالمية التي من شأنها حل الكثير الاشكالات. فدقة وتكامل المعلومات هي العنصر الاول للنجاح في اية سياسة او خطة.