شَكَا عدد من طلبة الجامعات والمعاهد العراقية، التعرض لحالات "تمييز سياسي وطائفي وفكري" مورست ضدهم من قبل "بعض الأساتذة داخل الجامعات".
وفي حين تؤكد جهات معنية وجود مثل تلك الحالات، كشفت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن موقفها الرسمي اتجاه تلك الشهادات.
نظرة دونية
الشهادة الاولى كانت بابلية حيث يقول الطالب صالح ادريس، "كان موقفا أذهلني، فبعد أن قدمت من محافظة بابل للدراسة في إحدى جامعات بغداد المتقدمة وكل همي هو بناء ذاتي والارتقاء بمجتمعي قدر الإمكان، فوجئت بأحد الأساتذة وهو يحقر من شأن طلبة المحافظات ويصفنا صراحة بـ(المعدان)".
وأضاف ادريس، أن "هذا الامر خلق فجوة بيني وبين بعض الأساتذة وحتى الطلبة الذين ينظرون لنا بنظرة دونية، وهو ما أثر في كثير من الأحيان على تركيزي في الدراسة".
حرب "الدرجات"
من جانبه يؤكد سلوان محمد وهو طالب في احدى جامعات العاصمة بغداد تعرضه للتمييز بسبب الآراء السياسية التي يتبناها.
ويقول محمد، "في بداية العام الدراسي الماضي كنت واقفا مع أحد أساتذة قسمي وشرحت له وجهة نظري تجاه الوضع السياسي الحالي، وانتقدت حزبا يتحمل برأيي معظم مشاكل العراق، لأتفاجئ بعد أيام قليلة بأن الأستاذ المذكور ينتمي لذلك الحزب"، مؤكدا أن "الاستاذ بدأ باتباع أسلوب المضايقات ضده من خلال محاولة احراجه أمام زملائه من خلال الاستهزاء المتعمد بي والانتقاد الغير بناء، قبل أن يختم العام الدراسي بغبن استحقاقه في التقدير العلمي".
وعن الأسباب التي منعته من تقديم شكوى لعمادة الكلية بما تعرض له، يشير محمد الى أن "الخوف على مستقبله وحياته هو ما أجبرني على السكوت".
"طائفية"داخل محاضرة علمية
بدورها قالت نادية إسماعيل وهي طالبة جامعية، إن "أحد أساتذتنا في الكلية لم ينصفني في درجة امتحان الكورس، مدعيا بأنني لم أجب عن الأسئلة بالترتيب الصحيح، لكنني متأكدة تماما من اجابتي، وما أكد صحة موقفي، هو عدم تسلمنا لأوراق الامتحان في حينها"، ماضية في القول بأن "هذا الأستاذ معروف بيننا بطائفيته التي يروج لأفكارها في أثناء المحاضرة المخصصة لمادة علمية بحتة بالإضافة الى تفضيل أبناء طائفته علينا".
وأضافت إسماعيل، أن "عدم وجود مراقبة من قبل رئاسة الجامعة وكذلك الظرف الحالي الذي يمر به العراق من حروب و صراعات سياسية يدفعنا الى السكوت دائما وتمشية الأمور كيفما اتفقت بانتظار لحظة التخرج".
منشور في "فيسبوك"!!
"بعد يوم على نشري منشورا على صحفتي الشخصية في الفيسبوك، استدعاني عميد الكلية يطالبني بحذف المنشور فورا" هكذا يروي علي فالح موقفا تعرضا له وكاد أن يتسبب بفصله لولا انه نفذ ما طلب منه وقام بحذف المنشور
ويضيف: "انتقدت احتفالا سياسيا أقيم في جامعتنا" مبينا أن انتقاده كان يتمثل في "الدعوة الى إبعاد الحرم الجامعي عن نشر والترويج للايدلوجيات الحزبية و ادبياتها"، مبينا "نحن هنا للدراسة فقط".
موقف مغاير
وعلى الرغم من مساعدته له الا أن الطالب فاضل جعفر شكا أسلوب أحد أساتذته الذي يميز بين الطلبة حسب الانتماء السياسي، أذ يقول "انا معروف بين زملائي الطلبة بإنتمائي لجهة سياسية لديها قاعدة جماهيرية كبيرة من بينهم أساتذة في جامعتنا، وهو ما دفع أحدهم الى تفضيلي على زملائي الطلبة سواء في التقدير الشخصي داخل القاعة او في الدرجات، ما سبب أحراجا لي أمام الزملاء".
ويرى جعفر أن "التمييز أذا صدر من أستاذ جامعي يمثل الواجهة الثقافية للمجتمع فهذا يعني أن بلدنا سيبقى دائما يعاني من التخلف ولن يكون هناك حلا للمشاكل المتعددة التي تعصف بنا".
التمييز لا يقتصر على الأساتذة الحزبيين
الاستاذ الجامعي (.خ.ك)، يقول حول هذا الموضوع "الكثير من الاساتذة الجامعيين منتمين لأحزاب سياسية وعلى هذا الأساس تم تعيينهم، وبالطبع هم يسعون الى الترويج او على الاقل الدفاع عن مصالح احزابهم داخل الجامعات والمعاهد، بأعتبار طلبة الجامعة نواة المجتمع العراقي ولهم دور مهم في تشكيل الوعي المجتمعي".
واشار الى ان "هناك تمييز ظاهريا او يمارس بشكل غير مباشر على الطلبة، لا تقتصر ممارسته من قبل الأساتذة المنتمين لأحزاب سياسية بل حتى بعض الأساتذة المستقلين لأسباب شخصية او فكرية".
وأضاف، ان "الأحزاب السياسية توفر سندا ودعما قويا لأعضائها في الجامعات وبالتالي لا يستطيع أحد حتى عمداء الكليات او رؤساء الأقسام محاسبتهم"، لافتا الى ان "هؤلاء الأساتذة لديهم نفوذ قوي داخل الجامعات التي يعملون بها".
إتحاد طلبة العراق: تصلنا عشرات الحالات سنويا
من جانبه أكد ممثل إتحاد طلبة العراق علي شغاتي وجود عشرات الحالات المماثلة يجري تبليغ الاتحاد بها سنويا، مبينا أن خوف الطلبة يدفعهم الى عدم التبليغ او الكشف عما يتعرضون إليه من تمييز.
وقال شغاتي، ان "التمييز الطائفي والسياسي والفكري موجود في أغلب الجامعات والمعاهد العراقية، وتصلنا سنويا عشرات الابلاغات من طلبة يتعرضون للتمييز، وهناك حالات أخرى مماثلة يجري التستر عليها بسبب خوف الطلبة من العواقب التي قد يتعرضون لها لاحقا"، لافتا الى ان "الجامعات والمعاهد العراقية لا تزال تعمل بنفس لوائح وأنظمة النظام السابق، التي تنص على عقوبات كثيرة وظالمة بنفس الوقت بحق الطلبة".
واشار الى ان" مناصب رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ومدراء الاقسام خاضعة للمحاصصة الحزبية، وبالتالي كل حزب يعتبر الجامعة التابعة له وفق مبدأ المحاصصة مجالا مفتوحا أمامه للترويج لأيدلوجيته وكسب جمهور جديد "، عادا أن "يدفع لجنة التعليم النيابية الى عدم المبالاة او التدخل لمعالجة الموضوع".
وأكد شغاتي، ان اتحاده "قام بمناقشة الامر في عدة مؤتمرات صحفية بغية إيصاله للمسؤولين الحكوميين لكنه لم يلق أي تجاوب".
التعليم العالي: لا وجود للتمييز في جامعاتنا
من جانبه نفى المتحدث باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حيدر العبودي وجود حالات تمييز داخل أروقة الجامعات والمعاهد الحكومية.
وقال العبودي، إن "الجامعات والمعاهد العراقية والبالغة ٣٥ جامعة تضم ٤٠٠ كلية و١٠٠٠ قسم تعمل وفق قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتضم طلبة من مختلف الطوائف والقوميات"، نافيا "رصد أي حالة تمييز طائفي او سياسي تحصل اتجاه الطلبة من قبل التدريسيين".
وتابع العبودي، أن "الادعاء بوجود حالات تمييز هي أمر افتراضي ولا وجود لها على أرض الواقع"، مؤكداً أن "قانون انضباط موظفي الدولة يسري على موظفي الجامعات ومن ضمنهم الأساتذة التدريسيين، وبالتالي ستتولى اللجان التحقيقية المختصة التدقيق في أي مخالفة من هذا النوع في حال حصولها".
التعليم النيابية: شكلنا لجنة لتعديل لوائح انضباط الطلبة
الى ذلك كشفت لجنة التعليم النيابية عن تشكيل لجنة لإعادة النظر بقانون إنضباط الطلبة وتعديله لينسجم مع الواقع السياسي الحالي.
وقال عضو اللجنة فرهاد قادر، ان "لجنة التعليم النيابية شكلت لجنة من أعضائها لإعادة النظر بلوائح نظام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الخاصة بإنضباط الطلبة وتعديلها لتكون منسجمة مع الواقع السياسي الحالي".
وأشار قادر الى عدم "وجود أدلة أو وثائق على وجود تمييز طائفي في الجامعات كما انه لم تصلنا أي شكاوى بهذا الخصوص".
