ويرى محللون أفغان أن هذه الخطوة هي دلالة أخرى على المشاكل المالية الكبيرة التي تعاني منها الحركة.
وقال فاروق بشار، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كابل، "تواجه حركة طالبان مشاكل مالية تختلف أسبابها، وقد يؤدي ذلك إلى إضعاف الحركة وتقهقرها".
تجفيف مصادر التمويل
وكانت حركة طالبان تحصل على التمويل من خلال عدة مصادر منها تجارة المخدرات وجمع "الضرائب" من المزارعين وأموال المتبرعين في بلدان عربية وفي باكستان.
وفي حين تختلف الآراء حول مصدر التمويل الأهم والأكبر للحركة، حيث يشير بعض المحللين إلى أن التبرعات الخارجية هي الأهم بينما يؤكد مسؤولون أفغان أن تجارة المخدرات هي المصدر الأساسي لتمويل طالبان، يشدد بشار على أن المصادر كلها اليوم جفت منابعها.
فبعد مقتل بن لادن في شهر أيار/مايو الماضي، توقفت القاعدة عن تمويل طالبان في أفغانستان بشكل كبير، ومن المحتمل أن تكون التبرعات الدولية قد تراجعت بدورها.
وأضاف بشار أن طالبان لم تعد قادرة على جمع الضرائب من المزارعين بعد أن فقدت سيطرتها على الأراضي الزراعية في أفغانستان.
وأخيراً، فإن الكثير من عمليات تجارة المخدرات التي تديرها الحركة قد تم اعتراضها من قبل قوات الأمن الأفغانية وتم حظرها في البلدان المجاورة، ما أدى بالتالي إلى تراجع عائدات الحركة، حسب قوله.
وأكد بشار أن الجهود المختلفة للحرب على الإرهاب اجتمعت للحد من مصادر تمويل الحركة.
تواصل الضغوطات الدولية والشعور المعادي لطالبان
غير أن هذه العوامل ليست وحدها وراء المأزق المالي الذي تعاني منه طالبان، بحسب ما يرى محللون آخرون.
وقال سيد آغا حسين فزيل سانكشاركي، المتحدث باسم الجبهة الوطنية في أفغانستان، وهو حزب معارض، "بعض المجتمعات في باكستان وفي بعض دول الخليج والتي كانت من داعمي طالبان، توقفت عن إمدادها بالدعم بسبب الضغوطات (الدولية)".
واعتبر سانكشاركي أن هذا كان السبب الرئيس وراء امتناع ممولي الحركة في السابق عن متابعة تمويلها، ما أجبر طالبان على طلب المساعدة من المجتمعات الاسلامية.
كما أن العداء الشعبي لطالبان بسبب ما تشنه من اعتداءات عنيفة على المواطنين واستعمال المتفجرات التي تحصد حياة المدنيين يلعب دوراً في هذا السياق.
وأكد نورالله علومي، عميد متقاعد من الجيش الأفغاني، أن الأعمال التي ترتكبها طالبان من استغلال الأطفال لشن هجمات إرهابية أو قتل الأولاد والنساء لا تستند إلى أي تبرير إسلامي أو إنساني أو ديني.
وقال علومي "إن أعمال طالبان غير إسلامية وغير إنسانية، والمجتمعات الاسلامية يجب أن لا تستجيب لطلبها. بل عليها أن تجمع على التنديد بهذه الأعمال".
تراجع الدعم الشعبي لطالبان
وللمواطنين تفسيرهم الخاص لتراجع تمويل الحركة، فمنهم من يعزي هذا إلى نجاح الحرب على الإرهاب من جهة، ومن جهة أخرى إلى الأعمال الوحشية التي تقوم بها طالبان.
ويرى وحيدالله، أحد سكان كابل، أن القاعدة كانت ترسل قياداتها إلى الدول العربية حيث كانوا يعرضون أفلاماً مزيفة عن قتل المسلمين في أفغانستان من أجل استدراج الدعم العاطفي والمادي.
لكن الكثير من القادة المتمردين قتلوا إما في المعارك أو لأسباب طبيعية، ولم يتقدم أحد من عناصر الحركة مكانهم لمواصلة الحملات المغرضة وجمع الأموال.
وأضاف وحيدالله "يجب أن يعي المسلمون في العالم، لاسيما الذي يقيمون في البلدان العربية، أن حركة طالبان لا تدافع عن الاسلام، بل هي تقتل الأفغان المسلمين وتشوه صورة المسلم أمام العالم"، مؤكدا أن على المسلمين أن يتوقفوا عن دعم الحركة.
بدوره، أكد صفات الله، مواطن في محافظة هلمند، أن قيام الحركة بقتل الأبرياء من نساء وأطفال هو سبب آخر لفقدانها الدعم الشعبي.
وقال صفات الله إنه كان يرى في السابق أشخاصاً يساعدون الحركة مادياً ومعنوياً.
وأضاف "لكن، ونتيجة للوعي الشعبي، أصبح الناس يعرفون أن دعم ممارسات هذه الحركة، التي تتعارض مع تعاليم الاسلام، يصب في غير مصلحتهم، وهم بالتالي ما عادوا يدعمونها".