قرر مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، إلغاء غالبية العقوبات التي صدرت بحق العراق عقب غزو الكويت في العام ١٩٩١، كما رحب المجلس بما اسماه التقدم الذي يتم إحرازه في العراق.
واقر المجلس ثلاثة قرارات ينهي الأول برنامج النفط مقابل الغذاء، فيما يدعو الآخر إلى تمديد الحصانة التي تحمي العراق من مطالبات التعويض المرتبطة بعهد الرئيس السابق صدام حسين الى ٣٠ حزيران ٢٠١١ (نحو ستة أشهر) بدلا من وقفه في وقت لاحق من هذا الشهر كما كان مقررا في بداية الأمر، بعدما أكد العراق أنه لن يطلب أي تمديدات أخرى لعمل (صندوق تنمية العراق) الذي كان يشكل حصانة من مطالبات التعويض.
كما جاء في القرار أنه بالرغم من أن عائدات صادرات النفط والغاز الطبيعي بالعراق لن تودع في صندوق تنمية العراق بعد حزيران ٢٠١١ إلا أنه سيستمر توجيه ٥ % منها الى صندوق التعويضات لضحايا غزو الكويت.
وفي القرار الثالث وافق مجلس الأمن الدولي على رفع الحظر عن واردات العراق النووية لتنفيذ برنامج نووي مدني، ليضع بذلك حدا لحظر استمر ١٩ عاما، بموجب القرار ٦٨٧ لعام ١٩٩١.
وقرر المجلس استعراض التقدم الذي يحرزه العراق مرة واحدة في العام، نحو الوفاء بالتزاماته بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية.
وفوض المجلس، الامين العام للامم المتحدة بإنشاء حساب خاص لضمان الاحتفاظ بمبلغ ٢٠ مليون دولار من عائدات النفط حتى كانون الثاني ٢٠١٦ لتغطية نفقات الأمم المتحدة ذات الصلة بإنهاء الأنشطة المتبقية للبرنامج بما في ذلك تمويل أنشطة مكتب منسق الأمم المتحدة السامي لشؤون المفقودين الكويتيين وقضايا الممتلكات الكويتية.
كذلك طلب مجلس الأمن من الامين العام للامم المتحدة ضمان الاحتفاظ بنحو ١٣١ مليون دولار من أجل تمويل عمل الأمم المتحدة وممثليها ووكلائها والمتعاقدين المستقلين لمدة ست سنوات فيما يتعلق بجميع الأنشطة ذات الصلة بالبرنامج منذ إنشائه.
من جهته دعا نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الذي تراس جلسة مجلس الامن، في كلمته إلى "تطوير العلاقات بين العراق والكويت"، مشيدا في الوقت نفسه "بالتطورات الايجابية التي حصلت في العراق معترفاً بأن الوضع القائم الآن في العراق يختلف كثيرا عن الوضع الذي كان قائما وقت اعتماد القرار ٦٦١ لعام ١٩٩٠".
واضاف بايدن أن "مجلس الامن يرحب أيضا بالتقدم الذي أحرزته الحكومة العراقية، كما انه يرحب بإعادة إدماج العراق في المنطقة بما يشجع العراق وجميع دول المنطقة على تعميق وتعزيز علاقاتها فيما بينها بروح الشراكة والتعاون".
وشدد بايدن على "استقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه وأهمية استقراره وأمن شعبه والمنطقة والمجتمع الدولي"، مؤكدا أن "أي عمل إرهابي لا يمكن أن يعكس المسار نحو السلام والديمقراطية وإعادة الأعمار في العراق".
وذكر نائب الرئيس الامريكي انه "يؤيد العملية السياسية الشاملة واتفاق تقاسم السلطة الذي توصل اليه القادة العراقيون لتشكيل حكومة شراكة وطنية ممثلة لجميع الأطراف تعبر عن إرادة الشعب العراقي وتشجعهم على مواصلة السعي نحو عراق اتحادي وديمقراطي وتعددي وموحد على أساس سيادة القانون واحترام حقوق الانسان".
وأضاف "كما يرحب المجلس بالتقدم المهم الذي أحرزه العراق في استعادة المكانة الدولية التي كان يشغلها قبل اعتماد ذلك القرار"، مشددا على ضرورة "مساعدة العراق في الوصول إلى الازدهار من خلال إعادة دراسة القرارات التي اتخذت بحق العراق في السابق".
وأشار بايدن إلى أن "السنوات الأخيرة شهدت خروج الشعب العراقي من أعماق العنف الطائفي حيث قام برفع المستقبل المظلم الذي قدمه المتطرفون"، مؤكدا أن " القوات الأمنية العراقية اثبتت أنها قادرة على ذلك".
ولفت بايدن إلى أن "واشنطن بسحبها أكثر من مئة ألف جندي أمريكي من العراق أنهت دورها القتالي لتتحول من قيادة عسكرية، إلى قيادة مدنية تقدم الاستشارات والمساعدة للعراقيين"، مرجحا أن "تشمل الحكومة العراقية الجديدة كتلا من المجتمعات المحلية في العراق من دون تهميش أي جهة".
وكانت الحكومة العراقية حرصت على ضمان تمديد عمل الصندوق الذي أنشئ عام ٢٠٠٣ بعد سقوط صدام حسين بهدف حماية الايرادات من مبيعات النفط والغاز الطبيعي في العراق.
ويخضع العراق منذ عام ١٩٩٠ للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة والذي فرض عليه بعد غزو نظام الرئيس السابق صدام حسين لدولة الكويت في آب من العام نفسه، ويسمح هذا البند باستخدام القوة ضد العراق باعتباره يشكل تهديدا للأمن الدولي، بالإضافة إلى تجميد مبالغ كبيرة من أرصدته المالية في البنوك العالمية لغرض دفع تعويضات للمتضررين جراء غزوه الكويت.
ويتألف الفصل السابع من ١٣مادة، ويعد القرار ٦٧٨ الصادر سنة ١٩٩٠والداعي لإخراج العراق من الكويت بالقوة من بنود هذا الفصل، ولا يزال العراق تحت طائلته، بسبب بقاء قضية رفات المواطنين الكويتيين والأسرى في العراق والممتلكات الكويتية بما في ذلك أرشيف الديوان الأميري وديوان ولي العهد ومسالة التعويضات البيئية والنفطية والتي لا تتعلق فقط بدولة الكويت بل بدول عربية أخرى وشركات ما زالت لها بعض الحقوق.
وكانت الكويت قد طلبت من مجلس الامن الدولي في شهر تموز من العام ٢٠٠٩ قبل جلسته المخصصة لمناقشة التزامات العراق الدولية عدم رفع العراق من لائحة الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة قبل إيفائه بكافة التزاماته خصوصا قضيتي التعويضات والأسرى والمفقودين الكويتيين وتأكيدها على ضرورة احترام العراق للقرار ٨٣٣ القاضي بترسيم الحدود بين العراق والكويت، خصوصا بعد الاعتراضات العراقية التي تظهر بين الحين والاخر على ترسيم الحدود، ثم أعادت تأكيد المطالب نفسها خلال الأسبوع الجاري على لسان عدد من النواب الكويتيين.