الانقسامات ليست دائماً ظاهرة سلبية لا في الطبيعة ولا في السياسة.. فلولاها ما تحركت وتكاثرت الحياة.. فالخلية تنقسم.. والحبة تنفلق.. وهكذا الامر في الحياة السياسية. فالانقسام ان لم يكن انهياراً وبعثرة وشرذمة فهو تصحيح وولادة وظاهرة طبيعية. فالخروج عن تشكيل اصابه الهرم.. او مفاهيم واطارات تحجز الحركة، هي سلوكيات وظواهر طبيعية.. ان لم يقررها العقل فستقررها الحياة.
العنصر الايجابي -بمداليله الكبيرة- هو ان الانقسام بين "المجلس" و"بدر" قد جرى بشكل حضاري واخوي وبدون اتهامات وادانات وباعلان مشترك.. وبعد جلسات ونقاشات طويلة بين الطرفين لحل مشكلة تطورت مع واقع جديد.. فالوحدة السابقة بينهما بدأت تواجه مع تغيير ٢٠٠٣ شروطاً جديدة.. شكلت عوامل اعاقة وارباك اكثر مما كانت تشكله من فوائد وقدرات. فالبدريون الذين كانوا قبل التغيير متفرغين تماماً للعمل الجهادي صار جلهم منغمس في العمل التعبوي والسياسي سواء داخل المجلس او بدر.. والمجلس الذي كان قبل التغيير المظلة السياسية قد طور كثيراً من نظرياته التنظيمية والتعبوية والسياسية مما اوجد حالات كثيرة من التباين والتعارض في الاطارات واساليب العمل، اكثر منها بين العاملين الذين جمعهم تيار واحد. ورغم الجهود الهائلة المبذولة، لكنها فشلت كلها لايجاد صيغة فاعلة مقبولة لتكييف الاطارات.. فكان لابد من استقلاليتها تماماً ليترك للعاملين في بدر حق اختيار تشكيلهم او اطارهم المفضل.
رغم ذلك قد تظهر بعض عوامل الارتباك والخسارة خصوصاً عند البدايات.. وسيعتمد ازديادها او تلافيها على استمرار كل من التنظيمين بالعمل وفق السلوكيات الاخوية التي اعتمدت لحد الان.. فالمشكلة بينهما ليس اتهامات او ادانات، بل تعارضات تنظيمية. فان كان قرار الاستقلالية هو الحل الصحيح الذي تم اختياره، فان ذلك قد يفتح مساحات وافاق عمل لم تسمح اطارات العمل السابقة بالتقدم نحوها. عندها ستعوض الديناميكية الجديدة اي ارتباك محتمل، بل قد تحقق توسعاً ونضجاً وانطلاقاً جديداً.