لو نظرنا الى الاطراف السياسية العاملة في الساحة العراقية ، لوجدنا جميع هذه الاطراف ضمن التشكيلة الحكومية ، وقد استلموا مناصب فيها كل حسب استحقاقه الانتخابي ولا يوجد أي جهة سياسية لم تحصل على استحقاقها ضمن السلطة التنفيذية ، تحت مسمى المشاركة بل هي المحاصصة التي فرضت على العملية السياسية تحت ظروف شتى ، لكن هذه المحاصصة جلبت الويلات للبلد ، وسمحت لاعداء العملية السياسية الجديدة بممارسة دورهم التخريبي من خلال تواجدهم في السلطة التنفيذية ، اضافة لدور هؤلاء المعادين للعملية السياسية داخل السلطة التشريعية اذ انهم يعرقلون القوانين التي تخدم المواطنين ، لان هؤلاء المعادين للعملية السياسية يعتبرون أي قانون يصدر فيه خدمة عامة يعتبرونه نصرا للحكومة التي يقودها الخط الوطني الذي يمثله جميع الوان الطيف العراقي ، برئاسة السيد نوري كامل المالكي ، الذي تحول في نظر الشعب العراقي الى رمز وطني يجب مناصرته بسبب مواقف القوى السياسية المعادية لهذا الخط الوطني .
اذن لماذا هذا التأزيم ؟ ولماذا الادعاء بالتهميش من قبل هذه الجهات السياسية ؟ ولماذا الادعاء من قبل الاطراف المعادية للعملية السياسية ، والاطراف الانتهازية بأن هناك دكتاتورية عند المالكي ؟ وهل هم معادون للمالكي ام للخط الذي يسير فيه المالكي ؟ واذا جاء رئيس وزراء غير المالكي من الخط الوطني هل سيتوقف التأزيم السياسي المفتعل ام لا ؟
هذه الاسئلة بحاجة الى وقفة وانتباه من جميع ابناء الشعب العراقي ، كما ان الاجابة عن هذه الاسئلة ليس صعبا فكل عراقي غيور ووطني يعرف الاجابة ، لان الشعب العراقي بحكم التجارب التي مرت وتمر عليه في كل يوم تقريبا اصبح يقرأ مابين السطور .
لو دققنا النظر في الساحة العراقية السياسية لوجدنا ان هناك ثلاثة خطوط رئيسية تعمل في الساحة ، وهذه الخطوط الثلاثة موجودة في الحكومة تحت عنوان المشاركة وهي التي تحكم من خلال تواجدها في الوزارات والمؤسسات الحكومية الاخرى سواء داخل السلطة المركزية او في الحكومات المحلية .
الخط الاول الخط الوطني وهو الذي يقود العملية السياسية في البلد برئاسة السيد نوري كامل المالكي ، يضم هذا الخط جميع السياسيين الوطنيين ومن مختلف الوان الطيف العراقي ، سواء كانوا في الحكومة او البرلمان ، يعمل هذا الخط بتوجه يختلف عن توجهات الخطين الاخرين المشاركين في الحكومة والبرلمان ، هدف الخط الوطني انجاح العملية السياسية الجديدة في العراق ، وخدمة الشعب العراقي بعيدا عن التدخلات الاقليمية او الدولية ، وبعيدا عن التوجهات الطائفية او العنصرية او البعثية او السلفية المتطرفة .
الخط الثاني هو الخط المتقاطع في التوجهات والمتبنيات مع الخط الوطني ، هذا الخط مرتبط ومدعوم من الدول الاقليمية خاصة السعودية وقطر وتركيا ، وهذه الدول الثلاث هي محور الطائفية في المنطقة ، يدعي اتباع هذا الخط التهميش ، رغم اشتراكهم بشكل فعلي في الحكومة وحسب الاستحقاق الانتخابي ، مشكلة هذا الخط انه منفّذ للاجندة الخارجية المعادية للعملية السياسية الجديدة ، لهذا السبب نجده في تقاطع مستمر مع توجهات الخط الوطني ، خطورة هذا الخط كبيرة على العملية السياسية الجديدة ، لانهم مشاركون في الحكومة تحت لافتة المحاصصة ، ومعادين لها في نفس الوقت ، وهذا امر خطير يهدد العملية السياسية برمتها ، لهذا نجدهم يخلقون المشاكل والتأزيم في كل الاوقات ، وما الادعاءات الاخيرة بوجود ازمة سياسية الا من افتراءات وفبركة هذا الخط الذي يعمل باوامر خارجية ، وهجمتهم الاخيرة على المالكي ليس لانه المالكي ، بل لان المالكي على رأس السلطة في قيادة الخط الوطني ، ولو كان شخص اخر غير المالكي ، فلن تختلف الهجمة لان الغرض هو العملية السياسية الجديدة في العراق ومن يقودها سواء كان المالكي او غيره .
ينضوي تحت لواء هذا الخط المتقاطع مع العملية السياسية الجديدة ، مجموعات من السياسيين الذين لا زالوا ينتمون لفكر البعث الدموي ، متحالفين مع بعض السلفيين المنتمين للخط السلفي الاقليمي المتصالح مع اسرائيل ، ويضم هذا الخط ايضا بعض الانتهازيين من السياسيين الذين يلهثون وراء مصالحهم الشخصية ، والمنافع المادية ، السياسيون المنتمون لفكر البعث والمتحالفون مع السلفيين لا يؤمنون بالحرية او الديمقراطية ، بل يستخدمونهما وسيلة للوصول الى السلطة ، ثم مصادرتهما وتغليفهما او تزييفهما ، مثل ما يحصل في بعض البلدان العربية اليوم .
الحلف البعثي السلفي لا يؤمن بالاختلاف والتنوع ، لهذا يجيزون استخدام العنف لتحقيق مآربهم ، ويشرعنون الارهاب ، هذا الخط المتقاطع مع الخط الوطني مهمته خلق الازمات ، وتصديرها الى الساحة العراقية السياسية ، وهذه الازمات المفتعلة هي من خلق دول المحور الطائفي الاقليمي الذي يعمل هذا الخط لصالحها مستغلين وجودهم في الحكومة لخدمة حالة التأزيم التي يفتعلونها بين فترة واخرى .
اما الخط الثالث فهو الذي يلعب في ساحة التأزيم المفتعل لتحقيق مكاسب غير وطنية بل تخدم طائفة او قومية معينة ، او تخدم حزبا بعينه ، واتباع هذا الخط لايهمهم ما يصيب العراق من ويلات ، المهم تحقيق مكاسب لهم ، حتى وان ادى ذلك الى تقسيم العراق الى دويلات صغيرة تحت أي عنوان من العناوين ، ويمثل هذا الخط اليوم السيد مسعود البرزاني الذي اخذ يصب الزيت على النار لزيادة حالة التأزيم لتحقيق اغراض واهداف مخطط لها سلفا ، سيما وانه وجد تشجيعا من دول المحور الطائفي التي لا تريد الخير للعراق .
وما ادعاءات التهميش ، او الدكتاتورية ، او الطائفية ، ما هي الا بالونات اعلامية هدفها خدمة حالة التأزيم السياسي المفتعل ، وللاسف وجدنا بعض من يحسب على الخط الوطني قد تفاعل مع هذه الشعارات المفبركة ، اما غفلة ، او من اجل تحقيق مكاسب آنية غير واقعية ، لكن جميع انواع هذه الألاعيب السياسية المصطنعة قد خبرها الشعب العراقي ، ولن تمر عليه بسهولة وسلام ، واخذت هذه الادعاءات غير الحقيقة وغير الواقعية تعطي نتائجها لصالح الخط الوطني ، مما سبب صدمة او تراجعا لدى بعض من ساهم او شجع على خلق حالة التأزيم المفتعل ، وبسبب هذه الصدمة اتوقع ان تتغير خطة الاخرين المشاركين في الحكومة ، وقد يجلسون مع الخط الوطني في جلسة المؤتمر الوطني الذي يرعاه السيد رئيس الجمهورية ، لكن من اجل عبور مرحلة معينة ، حتى يتهيؤوا لخلق ازمة جديدة اخرى في مرحلة اخرى وهكذا ستبقى حالة التأزيم المفتعل ، ولن ينتهي هذا التأزيم الا بأنبثاق حكومة اغلبية سياسية مثل ما هو جارٍ في الدول الديمقراطية الاخرى في العالم ، وعلى الشعب العراقي ان يختار لانه هو صاحب المصلحة في تقدم العملية السياسية ، اما استمرار حالة التأزيم السياسي المفتعل او اللجوء الى حكومة الاغلبية السياسية ، وليعلم الجميع ان الله تعالى مع المظلوم ، والنصر للشعب العراقي الصابر .