في اللحظات الأولى لسقوط السلطة البائدة ودخول قوات التحالف الى العراق بقيادة الولايات المتحدة الأميركية, لاحظ قادة المجلس الأعلى وفي مقدمتهم الراحل الكبير السيد عبد العزيز الحكيم , بعين ناصرة تحسس الشعب والقيادة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وشخصوا مكامن خطر هذا التحسس على التجربة العراقية الوليدة, ولذا سعوا جاهدين مستثمرين العلاقة الطيبة التي تربط المجلس الاعلى واسرة الحكيم خاصة بالشعب الإيراني والقيادة الإسلامية من جانب, وثقل المجلس الاعلى وقوة تأثيره في مسار عملية التغيير في الشارع العراقي و على مجمل الإحداث, الأمر الذي فرض على القيادة الأميركية ان تحسب لذلك الف حساب.
استثمر المجلس علاقاته هذه ليحفظ الساحة العراقية ويصون تجربتها من خطر لم تكن طرفا فيه بل فرضته الظروف، ولذا سعى لتخفيف التوتر بين الطرفين ونجح بنزع فتيل حرب كانت على وشك الاندلاع.
جمع مسوؤلين إيرانيين بمسوؤلين اميركان في بغداد اكثر من مرة ،طمأن كل طرف من أن الطرف الآخر يسعى للحلول الدبلوماسية ولا يفكر بإلحاق الأذى به, وبطبيعة الحال فان لقاءات كهذه رطبت الاجواء ومهدت الى لقاءات على مستويات أعلى ستتوج باجتماع قد ينهي الأزمة .
طهران اختارت بغداد مكانا له, لاشك أن هذا الاختيار لم يكن مصادفة ولم يأت عن فراغ خاصة وان بعض أطراف العملية السياسية لها مواقف مضادة مع القيادة الإيرانية، لقد تجاوز الإيرانيون تلك المواقف الفجة تحت تأثير سياسة ومواقف المجلس الاعلى الذي صار ميزان العملية السياسية وثقل الشارع العراقي, وقرروا راغبين وقاصدين أعادة الثقة بالنظام العراقي الجديد وإعطاء العراق دوره الفاعل في المحيط الإقليمي ، إذ ستتوجه أنظار العالم الى بغداد في الثالث والعشرين من الشهر الجاري مترقبة إنهاء الأزمة العالمية وإنقاذ المنطقة وربما العالم من حرب مدمرة لاتبقي ولاتذر, وهذا بحد ذاته تعزيز لدور العراق ومكانته العربية والإقليمية والعالمية ونجاح وفوز لكل العراقيين المخلصين .