قلة هم القادة الجماهيريون الذين يكونون محل ترحاب الساحات المتقاطعة والمنابر ذات الطروحات المختلفة والأفكار المتباينة في ذات الوقت وبعين المستوى، وعلى الصعيدين فضاءات الداخل بينها وبين بعضها من طرف وبينها وبين فضاءات الخارج المتقاطعة اصلا مع بعضها هي الاخرى وعلى وجه الخصوص, اذا زاوجت تلك الشخصية بين الدور الجماهيري التنويري المحلي ومتطلبات دبلوماسية العلاقات السياسية الرسمية محليا ودوليا.
والأقل منهم من يسجل قبولا متوازنا لدى تفرعات وتفاصيل الأنشطة الاجتماعية والعلمية والثقافية والرياضية الواصلة الى قاعدة تركيبة هرم المجتمع المحلي المرتبط بشكل وبآخر مع النشاطات الإنسانية عربيا وإقليميا وعالميا .
ولعل السيد عمار الحكيم احد هؤلاء الأقل بما يسجله من حضور متميز بارز في خضم الأحداث حتى لكأن
الساحة مفتوحة, والخريطة بلا نهايات, والميدان مسرج الخيول, وهي كذلك بل هي مبسوطة ومرحبة ومهيأة وجاهزة وطيعة أمام همة وطموح هذا الفتى حماسة الشيخ حكمة, همة شحنتها الوطنية الصادقة وغذتها عوامل انتساب وامتداد, وطموح أوجبته مسؤولية شرعية وأخلاقية تجاه امة مظلومة مغبونة, ورسمته تطلعات واعدة وايمان مطلق بقدرات شعب اوجد الحضارة وعلم الشعوب الحياة بفتح كوى نور الحروف وصناعة الفكر وتحرير العقول من مدلهمات جهالة الوثنية وصنمية التسلط والاستعباد, وسياسة القهر والإذلال والخنوع .
ولاحدود للزمان والمكان في قاموس عمار الحكيم ولا فرق في جغرافية ومناخ ولا بين أجواء وأجواء، فطالما كان هناك منفذ ممكن الولوج من خلاله لسماع ما يصب في خدمة العراق أو لإسماع صوت العراق الجديد للعالم.
وطالما اقتضت حاجة العراق, طالما كان في حقول نشاطات الحياة اليومية خدمة لشعب العراق الجريح, ولا فرق في أن يكون ذلك النشاط او الفعالية الإنسانية عراقيا او عربيا أو عالميا, ترى صوته يسبق أقدامه ملبيا الدعوة سبّاقا أو فارضا وجوده الذي يدخل القلوب بلا استئذان .
لا فرق بين وجوه المتعبين في ملتقى الجادرية ووجوه الموالين الأصدقاء والمؤازرين في ملعب الصناعة, أو في ضريح الراحلين الحكيمين, او في قرى الجنوب, ولا فرق بين حوار أنساني مكانه البوسنة أو طهران, ولا لقاء موحد في الانبار او كربلاء, ولا تجمع ثقافي في شارع المتنبي او دبي أو اتحاد الأدباء في بغداد, ولا حضور هادف في السعودية أو مصر أو عمان انعقاده أو في إحدى الكوريتين أو الصين .
وبنفس النبرة وان اختلفت المنابر والمايكات والكامرات, وبنفس اللهجة وان تعددت اللغات, وبنفس المعنى وان تنوعت الحروف والجمل والكلمات.
العراق قدم تجربة إنسانية مهمة على صعيد بناء النظام الديمقراطي يجب أن تدرس في سياقها وظروفها التاريخية بعيدا عن التجني والتعصب لأراء مسبقة بالرغم من مرارة التجربة ومعاناتها ألا أنها ستبقى تجربة مهمة في التاريخ المعاصر .
أن ما يكرس استقرار العراق هو أيمان الجميع بحقائقه الفعلية والتاريخية والشراكة التي يجب أن يقر بها الجميع ويحترمها .
في العراق المتعدد الأعراق والأديان والمذاهب لا يمكن القبول بأي شريك شراكته ناقصة, يجب أن تكون حقيقية وكاملة, وهذا هو المدخل الأساس لتحقيق الاستقرار في العراق .
الخلافات مهما كبرت تبقى تحت السيطرة . السياسيون كانوا رفقاء الأمس من اجل قضية عادلة وعليهم أن يبقوا رفقاء من اجل قضية أكثر عدالة .