صحيح ان الدستورالعراقي الجديد كتب على عجالة أوجبتها ظروف العراق الصعبة المتمثلة بمرحلة سقوط سلطة البعث وما خلفه, ذلك السقوط المدوي من تداعيات وما تركه من آ ثار، وصحيح انه حمل بنودا ومواد وفقرات لايمكن قبولها في الظروف الطبيعية ولاحتى الحديث عنها، لكن حساسية الاوضاع وصعوبة وتعقيدات المرحلة والخوف على مستقبل العراق ومصير تجربته الوليد ة ارغمت اكثر الاطراف على القبول بصيغته الحالية، الجميع يعترفون بذلك بمن فيهم منتهزوا الفرصة ومستغلوا حراجة وحساسية الموقف، عليه ومن باب الحرص على وحدة العراق ومصير شعبه ومستقبل تجربته الديمقراطية يتوجب تنفيذ الاتفاقات المتطابقة مع الدستور, ولاتشكل خللا في بنوده ولو على شكل مراحل يكون الحوار البناء ومبدأ الشراكة الوطنية نصب اعين الجميع.
لعل ما يسود العراق من اوضاع مضطربة وعدم استقرار امني واقتصادي وتعطيل المشاريع وغياب الخدمات وتراكم المشاكل والازمات واختلاقها احيانا واشتجار الخلافات وضجيج المهاترات والتهديدات وغير ذلك من امور ضحيتها الاول والاخير, المواطن البسيط ضحية كل العهود لعل مرد ذلك كله الى وضع الدستور في ادراج المكاتب وتغييب لغة الحوار.
بطبيعة الحال ان الدساتير ليست نصوصا ألاهية غير قابلة للحك والشطب ولاتقبل الحذف والتغيير والتأويل والاجتهاد، اذ ان جميع دساتير العالم الناهض تعرض للدراسة بين مرحلة واخرى ويتم مراجعة مضامينها وتغربل وتعاد صياغة اكثر بنودها بما يتناسب وروح العصر والتطور واحتياجات المصالح الوطنية العليا ومتطلبات الشعب .