فقيادات المجلس الأعلى تنظر بروية وعين باصرة محددة أبعاد الحدث، ومشخصة جزئيات المشكلة، ومحيطة بكل ما يكتنف الأزمة، وما يراد من إثارتها والأطراف المثيرة والجهات المستفيدة، والنتائج المستقبلية، والأضرار الناجمة، وما ستؤول إليه الأمور.
وكأقرب مثال أزمة سحب الثقة، المجلس الأعلى لم يشارك جماعة أربيل مؤتمرهم، ولم ينضم إلى لقاء أو اجتماع النجف كما انه لم يصطف إلى جانب حزب الدعوة لكنه مع ذلك لم يصمت ولم يتخذ دور المتفرج ولم يلعب دور الوسيط أو ساعي البريد بل تفرد بموقف وطني واضح لم تشبه شائبة ولا يرقى إليه شك:
أوّلاً: رفض المجلس الأعلى فكرة سحب الثقة رفضاً قاطعاً وبين دوافع هذا الرفض.
ثانياً: عرض البدائل على الأطراف التي تبنت ما أسمته( مشروع سحب الثقة).
ثالثاً: قدم النصح لقيادة حزب الدعوة وخاصة رئيس الوزراء مؤكدا ضرورة إجراء الإصلاحات اللازمة لدرء تفاقم الأوضاع وتراكم الأزمات.
رابعاً: نبه جميع الأطراف بضرورة الرجوع إلى الدستور والمعاهدات المرتبطة به والمتعلقة بحل بعض المشاكل.
خامساً: ذكر رؤساء الكتل والتحالفات بالتزاماتهم تجاه العراق وشعبه وكيف تحولت خلافاتهم إلى عوائق تحول دون تنفيذ المشاريع الحيوية، وتعرقل إنهاء معاناة الناس الأزلية وحاجتهم لأبسط مقومات الحياة الحرة الكريمة.
وفق هذا السلوك الناضج وبعد النظر رسم المجلس سياساته الحالية والمستقبلية فيما يتخبط البعض خبط عشواء ليزيد المشاكل والأزمات عقداً مستعصية.