كمٌ هائلٌ من الشعارات الواسعة والعريضة والجذابة، يطلقها الساسة وهي تخلو من أي جوهر ومضمون، ولا يجد لها المرء مصاديق وتطبيقات على أرض الواقع... ولو لم يكن الأمر بهذه الصورة السيئة لما بقيت الحال على ما هي عليه، بل وتفاقمت وازدادت سوءاً يوماً بعد آخر.
هل المشكلة هي مشكلة موارد وأموال علماً أن ميزانية البلد لهذا العام بلغت ١٢٠ مليار دولار، وهي الأكبر في تأريخه حسب تأكيدات وأقوال المسؤولين أنفسهم؟.. بالتأكيد ليست هذه هي المشكلة؟.
وهل المشكلة مشكلة كفاءات وطاقات وخبرات ونزاهة وإخلاص، علماً أن البلد يزخر بكل ذلك، وهذه ليست هي المشكلة؟
وهل المشكلة هي مشكلة هيمنة قوى خارجية على مقدرات البلد وحاضره ومستقبله؟.. من المستبعد ذلك وان كانت الأطماع والمؤامرات كثيرة؟.
مشكلتنا نحنُ العراقيون هي في غياب الغيرة، والشعور بالمسؤولية الوطنية الحقيقية، لمن بيده مقاليد الأمور سواء كان في موقع رسمي بالدّولة أو يشغل موقع زعامة سياسية أو دينية أو اجتماعية... أيام وأسابيع وشهور وسنين ونحن ندور في حلقة مفرغة من الخلاف والتصادم وانعدام الثقة ليس بين أبناء الشعب وإنما بين الساسة الأنانيين، الذين ابتلى بهم الشعب وضاق ذرعاً من أساليبهم وتصرفاتهم وعنجهياتهم، فبدلاً من أن يعملوا على توفير الأمن والاستقرار يخلقوا الفوضى ويهيئون الظروف للإرهاب لكي يفتك يومياً بالناس الأبرياء، وبدلاً من توفير الخدمات من الموارد الضخمة لهذا البلد أشاعوا الحرمان والعوز والفقر، واكبر دليل على ذلك مدن الصفيح البائسة والكهرباء المفقودة والماء الصالح للشرب الذي يحلم به الكثيرون، وجيوش العاطلين عن العمل وحشود المتسولين الذين يجوبون الشوارع ليلاً ونهاراً.
رئيس المجلس الأعلى العراقي الإسلامي عمّار الحكيم شخصَ وصورَ واقع الحال بدقة قبل أسبوعين عندما تحدث عن أسباب وجذور الأزمة التي تعصف بالبلاد.. بإمكان السياسيون وخصوصاً الكبار منهم أن يصفروا الأزمات متى ما وضعوا مصالحهم وحساباتهم الخاصة والضيقة والأنانية جانباً، ووضعوا مصالح ومعاناة هذا الشعب نصب أعينهم، وللأسف الأعم الأغلب منهم لا يبدو انه على استعداد لفعل ذلك.