كنت قد كتبت في مقالي السابق عن موقف الدكتور عادل عبد المهدي من الازمة السياسية الخانقة في البلد وعن حضوره اجتماع جبهة اربيل والنجف الداعية الى سحب الثقة عن السيد رئيس الوزراء وانتقدت هذا الموقف والطريقة التي طرح بها كيفية عرض رئاسة الوزراء عليه من قبل المجتمعين وكأنها منّة يمن بها على الشعب العراقي وعلى التحالف الوطني عندما رفض هذا العرض المغري!!! ومكان طرح ذلك أمام المرجعية في النجف الاشرف وهو تناقض بحد ذاته ما بين موقف حزبه المجلس الاعلى وزعيمه السيد عمار الحكيم الذي رفض القبول بحضور هذه الاجتماعات وما تمخض عنها من نتائج وقرارات كسحب الثقة عن السيد المالكي والعلة هنا لا تكمن في الشخصنة وانما تكمن في المباديء التي دافع ايضا عنها السيد الحكيم كونها مباديء سياسية تم الاتفاق عليها من قبل كل الاطراف السياسية في البلد وجاءت بعد مخاضات خانقة كنتيجة لانتخابات نيابية جرت عبر صناديق الاقتراع وبكل الاطر الديمقراطية النزيهة وتحت أعين المراقبين من دول العالم .
فلا أدري لماذا انزعج البعض من انتقاد السيد عبد المهدي وهو كسياسي وشخصية عامة معرض للانتقاد عندما يتصرف بأجندة سياسية فيها الكثير من الشك ، كونه عمل وفق مقتضيات تلبية ذاته الشخصية وليس الحزبية بذهابه الى اجتماعات سحب الثقة عن الحكومة المفترض انها تمثل المكون السياسي الذي ينتمي اليه كما هو الانتقاد موجه الى التيار الصدري الذي هرول كثيرا وغرّد خارج السرب وهو ليس من العرف السياسي ولا الحنكة التي يمتلكها سياسي ناجح ليعود ويتراجع عن قراره الخطأ منذ البداية ، لأن العلة ليست في شخص المالكي فهو واحد من التحالف الوطني الذي ينتمي اليه كل هؤلاء وهو اليوم موجود على رأس السلطة التنفيذية وغدا يأتي غيره لأننا لا نعيش في زمن القائد الأوحد وهو ما يعتقد به المالكي نفسه فلماذا هذا التهويل والتحامل على شخص مخول من قبل البرلمان والشعب لاربع سنوات وقبل اكمالها تضج الدنيا بهذا الشكل المهووس إن لم تكن هناك اجندات ذاتية شخصية يتبناها عدد من ساسة اليوم،
لقد كان موقف السيد عمار الحكيم موقفا عقلانيا يحمل من الحنكة السياسية وتفهم الواقع بما يصل الى الحرص على بناء الدولة بعيدا عن المغريات وعن الاجندات الخارجية فهو كان واعيا للمخطط الذي وقفت خلفه دول اقليمية يدور في رأسها موال العودة بالعراق الى سابق عهده ، لقد أراد السيد الحكيم مسك حبل التوازن بين القوى المختلفة والمتناحرة للتخفيف من وطأة المشكلة ومحاولة ابعاد الايدي الخارجية عنها للوصول الى حالة التماسك في التحالف الوطني ومعه كل القوى الوطنية التي أرادت ان يسير العراق على السكة الصحيحة ، حيث طرح مساعيه لحل الازمة واخذ جانب التهدئة كونه احد أركان الاطراف المتناحرة فمد اليد الى التحالف الكردستاني واليد الاخرى الى القائمة العراقية بعيدا عن تصريحات كل المتشنجين من القوائم وصقورها التي تدلي بما لا يقبل الشك بالذهاب بنا الى المجهول وما لا يحمد عقباه وقد كانت جلسة السيد المالكي والسيد الجعفري والسيد الحكيم الاولى بعد اعلان الازمة هي المفتاح الرئيسي لحلحلة الامور ، لذلك ومن هذا المنطلق عندما نكتب وننتقد لا يوجد لدينا موقف شخصي من احد وانما انتقاد التصرفات والمواقف السياسية الخاطئة التي يقوم بها البعض وخصوصا عندما تكون متناقضة وتغريدا خارج السرب فليس من حق احد ان يتحامل عندما يتم انتقاد قدوة له أو شخصية سياسية معجب بها وبثقلها ، فهذا المالكي وهذا الطالباني وهذا الجعفري وهذا السيد الصدر وهذا البارزاني وهذا علاوي وغيرهم من السياسيين يتم انتقادهم كل يوم ولا غضاضة لأن من يعمل في السياسة عليه ان يَعرض نفسه يوميا على رأي الشعب من خلال السلطة الرابعة المتمثلة بالاعلام فهي التي توضح الحقائق.