من هنا وبعد سنوات طويلة يعود الابن البار لعائلة ال الحكيم لينطلق في بيان اهمية هذه المؤسسات مستمعا ومتجاوبا مع ارائها وتجاربها وامكانية تحقيقها للتغيير المجتمعي ضمن برامج مدروسة تحترم ثوابت الوطن والمواطن, فكان السيد عمار الحكيم وبجمعه عدد كبير من القادة وناشطي المجتمع المدني يحقق حلما للنخبة المتحمسة التي تطالب بدور فعال وسط تزاحم الاجندات وتقاطع الارادات.
وبالرغم من ان بعض هذه المؤسسات والمنظمات لم تكمل مشاريعها وهي تجد نفسها بين مطرقة حاجة المجتمع اليها وحاجتها فعلا لثراء التجربة ونمو الامكانات المادية التي تتحرك من خلالها في تنفيذ البرامج الى ان عقد مثل هذا المؤتمر الذي جاء عقده بمثابة اعلان واضح والفات نظر, قسري لمن لايريد ان ينتبه لحجم الدور الذي تقوم به في النهوض بالواقع الذي يتأرجح بين عدم الاستمرار في تحقيق الحد الادنى من مستحقات ومطالب المواطن, وغياب جهات حكومية عن بعض جوانب الخدمة الضرورية التي تكفلت هي بسد الخلل والنقص فيها.
وبين هذا وذاك كانت المبادرة لصاحب المبادرة رئيس المجلس الاعلى الاسلامي السيد عمار الحكيم, بعقد هذا المؤتمر الوطني الاول لقادة وناشطي المجتمع المدني والذي طالب خلاله ببناء دولة مبنية على اساس الديمقراطية والشراكة بين مكونات الشعب لسبب بسيط هو "اننا بحاجة الى وجود دولة تقوم على اساس ثقافة الديمقراطية والتفاهم والحوار والوئام بين الشركاء لا المزايدات او الالغاء والهيمنة", فحاجتنا لوجودها ضروري فالسيادة فيها للقانون وتاكيدها ينطلق من تكامل الادوار عبر المشاركة لا الصراع .
ان نظرة الشارع العراقي للدولة الحالية انها دولة احزاب ليس بالمعنى الدقيق للكلمة, بل ان من ينضم لفلان او من يؤيد نهج فلان فهو محسوب عليه, لذا تنشا الدولة ومواطنيها على هذا الاساس, بمعنى ان من يوالي صاحب السلطة هو الاقوى والاحق وان كان على باطل, وهذا منطق مرفوض حتما.
ان عدم اغفال هذه الجوانب يتطلب وعيا عاليا ربما تحاول بعض الجهات السياسية والدينية والنخب الثقافية وغيرها ان تبرزه وتبين مواطن الخلل والقوة فيه, لكن هذه الجهات تحتاج الى مؤسسات تعمل بمنهجية وبرامج مدروسة تمكنها من اداء المهمة وتعضيد المشروع الداعي للنهضة بوعي ومتطلبات وحاجات مجتمعنا الذي عانى الامرين وهو يتلمس النور للخروج من حالة العزلة التي فرضها عليه نظام القهر والاستبداد, لذلك فوجود وتنشيط منظمات المجتمع المدني بات ضرورة ملحة تفرضها طبيعة المرحلة وهذا يحتاج كما نوه السيد الحكيم الى الاسراع بتشريع قانون لمنظمات المجتمع المدني ليقوم بتنظيم عملها وحمايتها من التدخل الحكومي لتصل بعد ذلك الى مرحلة تشكيل مفوضية عليا مستقلة لمنظمات المجتمع المدني لان المنظمات المجتمعية أصبحت اليوم شريكاً مهماً في بناء دولة المؤسسات وعلى مختلف الصعد والمستويات.
ان هذه الدعوة الكريمة وهذه المطالبة الحقة اتت في وقتها وهي تعبر عن ثراء صاحبها الفكري وحرصه فقد مل شعبنا رجال المرحلة المتعددين (الاقوياء) وهو بحاجة اليوم الى تعاضد جميع ابنائه الذين يشكلون بجمعهم هذا شعب المراحل كافة فهو من دفع الثمن وهو من خرج ليواجه الارهاب وهو من توحد بوجه المد الطائفي وتجاره وهو اليوم يقف على اعتاب مرحلة جديدة شاكرا هذه المبادرة وصاحبها الذي لم ولن يتخلى عن نهج ابائه واجداده الكرام لانه كريم من نسل الكرام ....
عون الربيعي