فالشارع العراقي الذي مل الازمات ومثيريها وماهم عليه من شد وجذب يحاول قراءة ما ستتمخض عنه اللقاءات التي تم الحديث عنها والاشارة اليها عبر رسائل الرئيس طالباني متسائلا عن شكل الحلول المرتقبة وماذا سيكون تاثيرها والى اين ستقود فهل ستكون الجلسات واللقاءات برتوكولية كالتي تمت خلال فترة بداية الازمة؟, ام ان هذه الاجتماعات واللقاءات التي وصفت بالتمهيدية ستكون بوابة للقاء وستفضي بالنهاية الى عقد مؤتمر وطني او طاولة مستديرة يتمكن الجميع من خلالها طرح مشاكلهم وايجاد حلول جذرية ونهاية لها خصوصا ان بعض الاطراف تؤكد حرص جهات بعينها على اطالة امد الازمة, وهذا ما اشار اليه بعض النواب في دولة القانون من ان جولة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الاوربية وتوقيتها كانا للتهرب وتحاشي لقاء رئيس الحكومة الاتحادية نوري المالكي في السليمانية مما يؤكد ان الامور بينهما وصلت الى طريق اللاعودة.
بعكس ذلك يؤكد مقربون من الرئيس طالباني ان ضمانات معينة تم اخذها من الجانبين للمضي في ورقة الاصلاح وتضمينها حلولا لبعض المسائل العالقة بين المركز والاقليم مما يعني ان الامور لازالت تحت السيطرة وان الرئيس قادر على جمعهما على طاولة الحوار بعد ان تستكمل بعض اللقاءات التمهيدية والتي سيعرض خلالها رؤيته باعتماد مبدأ التوافق منطلقا للحل.
غير ان اطرافا في التحالف الوطني تؤكد ان لا اورق اخرى جديدة ستقدم للرئيس العائد وان ورقة الاصلاح التي تم العمل عليها والاعلان عن بعض بنودها ستكون موضوع النقاش والتعديل على ان تتم الدعوة لاحقا الى الاجتماع الوطني وترى هذه الاطراف ايضا , ان هناك خلافات بين الحزبين الكرديين حول بعض المقاطع المفصلية في الورقة مما قد يحد من قوة تأثيرها.
ولربما تكون هذه الاراء والتأويلات مقدمة لإرهاصات ستحول دون تحقيق أي تقدم يذكر في حل الازمة مع ذلك فلا زال هناك بقايا امل ان تكون اللقاءات التمهيدية التي ستجري في مدينة السليمانية والتي ستنطلق قريبا مع قادة الكتل السياسية مفتاحا للحل خصوصا ان اغلب الاطراف وصلت الى قناعة معينة مفادها ان حجم التحديات والاخطار الخارجية والداخلية ستكون كارثية على البلاد مع استمرار الاوضاع الحالية على هذه الشاكلة وان الحلول التي ينبغي اجرائها وامضائها قادرة على احلال التفاهم بدل القطيعة ,والتوافق بدل الاستبداد والتفرد في اتخاذ القرار بمعزل عن بقية الشركاء .
فالشخصنة حتى في بعض تفاصيل الازمة كانت نتائجها مدمرة ولم تقدم شيئا ملموسا لا على المستوى بناء الدولة ومؤسساتها التي تعطلت بحكم هذه السياسة غير الحكيمة ولا على مستوى الخدمات وتحسين اوضاع المواطنين مما يجعل الجنوح الى الحوار وايجاد مخرج للازمة ضرورة تفرضها طبيعة المرحلة وهذا ما اشار اليه السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي في اغلب خطاباته وكلماته حين يخاطب السياسيين وقادة البلاد في امكانية الحل ان كانت المنطلقات وطنية بحتة والهدف منها تقديم الخدمة للمواطن .
اذن الجميع اليوم امام تحد كبير لوقف تداعيات مشكلة اخذت بالاتساع والامال التي يعقدها الشارع اليوم ان تؤخذ بآراء وافكار الحكماء في السير نحو الحل بدل ان تعلو صيحات التسقيط ولغة الاتهامات الجوفاء التي اخذت من الجميع ماخذها والا فاننا سنراهم مجددا في قفص الاتهام وهذا ما لانرجوه بكل الاحوال مع تمنياتنا ان يوفق الرئيس في مهمته الوطنية التي نعتقد انها تستحق منه كل هذا الاهتمام والجهد الصادق..